يشحذُ المدافعون عن إسرائيل عقولهم لاستنباط حجج وأطروحات تبرر للجيش ” الأكثر أخلاقية في العالم” حربه ضد الفلسطينيين. أول وآخر هؤلاء كان برنارد هنري ليفي الذي أصدر مؤخراً كتاباً بعنوان ” عزلة إسرائيل”.
يروج ليفي، باعتباره ضيفاً دائماً على الكثير من وسائل الإعلام الفرنسية، لنظرية مفادها أنه إن لم تخض اسرائيل معركة رفح التي يعارضها العالم بأسره، لن يكون من الوارد التخلص من حماس، وهذا يعني، كما يقول، عدم تحرير الفلسطينيين من هيمنة الحركة الإسلامية عليهم، مما يعني بالتالي، عدم امكانية إقامة دولة فلسطينية!
بكلام آخر يقول أن الجيش الاسرائيلي (ينفي عنه تهمة القتل ويؤكد أنه يقوم بماوسعه لتجنب استهداف المدنيين) حين يضطر إلى قتل الفلسطينيين فإنه يقوم بذلك لصالحهم ومن أجل دولتهم القادمة!
بدون أي مزاح، هذه هي النظرية التي يروج لها على شاشات التلفزيونات والراديوهات الفرنسية!
ليس مهماً مناقشة هذا الطرح أو تفنيد عيوبه، هذا مثل قراءة كتاب ليفي، مضيعة للوقت. المهم ملاحظة الانحدار في الشكل وفي المضمون والتراجع المستمر في وسائل الدفاع والحجج الفكرية والتي لم تعد تصمد حتى أمام أصدقاء إسرائيل والمدافعين عنها.
ثمة شيء انكسر وتضعضع بعد ٧٥ عاماً على الاحتلال، ولم تعد تصلح الأكاذيب التي استمرت على مدى عقود.
هذا باختصار ماهو آخذ بالتغير ميلمترا بعد ميليمتر ويوماً بعد يوم.
كان الراحل ادوارد سعيد يقول أنه كي تنتصر الضحية على القاتل يجب أن تتفوق عليه أخلاقياً. يمكن إضافة أنه من الضروري أن تعي شرائح متزايدة من المجتمعات العالمية أن هذا الفارق الأخلاقي لم يعد قابلاً للتزوير ولا للاخفاء تحت أي مسمى كان، ورغم كل وسائل الضغط التي لا يزال يملكها الطرف القوي والفاعل على الساحات الدولية.
يمكن البناء على هذا، وهناك مايمكن المضي به إلى الأمام رغم كل سواد اللحظة الغزاوية.
السيد ليفي قال في معرض دفاعه عن الجيش الاسرائيلي على أحد البرامج التلفزيونية، قال أن أحداً لم يعترض أثناء أحداث الدافور ولا أثناء تدمير الموصل… حسناً، حتى هو لم يعد يخطر له تشبيه “الديموقراطية الوحيدة في الشرق الأوسط” بمن يُفترض أنها على نفس مستواهم الحضاري كالسويد والنروج والدنمارك.