نحن الآن في العام 1987. شابان في مقهى قديم، يقول أحدهما جازماً إنهما سيشربان قريباً فنجاني قهوة في شارع الحمراء. يستنكر الآخر «حلم» صديقه. يذكّره بالمتاريس التي تحول دون انتقال بسيط بين منطقتين في مدينة واحدة. «ولا بأربعين سنة بتخلص الحرب»، يقول بنبرة حاسمة يملأها الإحباط.
نعرف جميعاً أن هذه الحرب قد توقفت بعد ثلاث سنوات. يومها، وتحديدا في 4 كانون الأول 1990، كتبت «السفير» على صفحتها الأولى: «بيروت الكبرى تخلع قناع الحرب والميليشيات».
في زمن آخر، يحتفظ الشاب الذي كبر الآن قليلا في العمر، بما جمعه من مال، ليبني منزلاً له ذات يوم في قريته الجنوبية. حلم آخر يراه صديقه مستحيلاً. فالاحتلال الإسرائيلي لن يرحل، «ولا بأربعين سنة».
وفي 24 أيار من العام 2000، كتبت «السفير»: «الجنوب يحرّر الوطن».
ما سبق، مشاهد من فيلم إعلاني يعرض ابتداء من مساء اليوم على الشاشات اللبنانية، معلنا انطلاق سلسلة نشاطات احتفالية، في مناسبة العيد الأربعين لجريدة «السفير».
هذه العناوين وسواها تجدر قراءتها بالعودة في الزمن. كل واحد منها، قبل حدوثه، كان الأمل بتحقيقه سيبدو مجرّد وهم أو خيال. لكنها أحلام تحقّقت بالفعل. وما لم يتحوّل منها إلى حقيقة، حتى اليوم، سيكون الغد مفتوحاً على احتمالات تحققه… «فالأحلام الكبرى لا بد أن تتحقق»، كما يخلص الفيلم.
ومن التأسيس، في العام 1974، إلى انتهاء الحرب ثم إنجاز التحرير، وصولاً إلى ثورات الشعوب العربية، مروراً بمحطات سياسية واجتماعية وثقافية ورياضية، في لبنان والوطن العربي والعالم، عناوين أخرى كثيرة، كتبت عنها «السفير» بالحبر فكانت شاهدة عليها، وكتبت عنها بالعرق فكانت شريكة في تحقيقها، أو كتبتها بالدم، فكانت هي الحدث أحيانا.
الأحلام… مستمرة
«قبل أربعين عاما، بدأنا كتابة الحلم، فكانت «السفير»… بعد أربعين عاما ما زلنا نحلم، ولا أحد يستطيع مصادرة الحلم». وفي السنة الأربعين، محطة تنطلق من تجربة الماضي، لتنظر إلى السنوات الأربعين المقبلة، بإصرار المؤمن بالقدرة على تحقيق الأحلام.
وفي المناسبة، أقامت «السفير» حفل غداء في «البيال» اقتصر حضوره على حشد من شركات الإعلان في لبنان وعدد من ممثلي وسائل الإعلام المرئية والمكتوبة، استعدادا للاحتفال بالعيد الأربعين للجريدة، في السادس والعشرين من آذار الجاري. وأطلقت «السفير» في الحفل، بالتعاون مع «PRESSMEDIA» و«S2C» «impact BBDO»، حملة «اكتب حلمك 2054» الموجهة للقراء، مع مسابقة موجهة إلى شركات الدعاية والإعلان، لتصميم إعلان يحاكي المستقبل (راجع الإطارين).
قدمت للحفل الزميلة دنيز عطالله حداد، ثم تحدث رئيس تحرير «السفير» طلال سلمان عن بداية الحلم ومستقبله: «قبل أربعين عاما بدأنا بكتابة الحلم، فكانت «السفير». كتبنا لكم وعنكم، كمواطنين، كتبنا عن الشعب وحقوقه. كتبنا عن الوطن الصغير وحريته ودروه الطليعي عربيا. بالحبر كتبنا، بالعرق كتبنا، بالدم كتبنا. وكتبوا أسماءنا بالرصاص، وكتبوا مطابعنا بالديناميت. وها هي «السفير» مع أهلها، مع وطنها. نعتز بأننا خاطبنا جيلا أول، ثم جيلا ثانيا، وها نحن نتوجه لبناء العلاقة مع جيل ثالث…».
وقدّم المدير العام المساعد في «السفير» أحمد سلمان عرضا عن الحملة تحدث فيه عن الرابط بين أحلام المستقبل وما نعيشه اليوم: «عندما نتخيل المستقبل، نفترض أنه لغيرنا ويصنعه الآخرون، أما نحن فنعيش على هامشه. ولكن ما سيكون عليه الغد يبدأ اليوم. من أين نبدأ رحلتنا إلى عالم سيعيش فيه أحفادنا؟ فلننظر إلى واقعنا، إلى تنظيمنا المدني ومخطط الإنماء، إلى وسائل النقل التي نستخدمها، إلى القانون واحترامه أو عدم احترامه، كيف نطوّر البنى التحتية وخدماتها، وبأي ثمن، كيف نطور الطاقات البديلة على جميع أشكالها، كيف نستخرج مواردنا الطبيعية ونوزعها بالتساوي في ما بيننا، وكيف نسعى إلى تأمين قوتنا اليومي…».
وتابع سلمان: «يبقى أمامنا أن نحلم، لأن لدينا الأمل بأن نغيّر واقعنا المرير مهما بلغت صعوبة ذلك، مهما كان الثمن غالياً. لأننا نقدر، لأن بلادنا حلوة ونحن مستعدون لنعطيها ما نملك، ولأننا أناس طيبون، نعتز بأنفسنا، ونتعب لنصل إلى النجاح، ونحن مستعدون للتضحية لنصل إليه، ولأنه بإمكاننا أن نبدع وننتج المبدعين الذين يعطون صورة أبهى لعالمنا، ولأنه لدينا الحق بحياة كريمة، ونسعى لتأمين هذا الحق أينما وجدنا فرصة لذلك، ولو كان ذلك خلف المحيطات. نحن نحب وطننا، ونريد أن نعيش في بلدنا، ولأن لدينا أمل يتجدد كلما اسودت الدنيا، تعالوا نحلم سوياً…».
بطاقة تعريف
وكان الحفل مناسبة لتقديم بطاقة تعريف مختصرة عما تقدمه «السفير»:
«السفير العربي»، ملحق أسبوعي يصدر كل خميس، لتقديم صورة أكثر عمقاً بالتحقيق والتحليل عن مختلف أقطار الوطن العربي، من المغرب إلى اليمن.
ملحق» فلسطين» الشهري، باعتبارها قضية العرب جميعا.
الهدية الشهرية التي تقدمها «السفير» وهي مجلة «معلومات» التي توثّق أهم الأحداث بالدراسات والمعالجة الشاملة.
«كتاب للجميع» الذي يحمل شهريا إلى القراء مختارات من الإبداع الثقافي الإنساني في الرواية والقصص، وهو الهدية المجانية التي تسهم في بناء مكتبة في كل بيت.
«السفير الاغترابي» ملحق يتناول قضايا الجاليات اللبنانية المنتشرة في العالم.
«الملحق الثقافي» ملحق أسبوعي يصدر كل جمعة، فاتحا صفحاته على مختلف التوجهات وضروب الإبداع، شعرا ونثرا ورواية وقصة وقصيرة وهوامش نقدية.
كما تقدم صفحات متخصصة، منها «نصوص من صحافة العدو» (الاثنين) البيئة (الثلاثاء) أفكار وأخبار (الثلاثاء) و«شباب السفير» (الأربعاء) الذي يكتبه شبان وشابات من الجيل الجديد، فيعرضون فيه همومهم ومطامحهم.
ابراهيم شرارة
السفير، 332014