كلما ذُكرت »السفير«، ذُكر شطر من تاريخ لبنان الراهن، الحافل بالاحداث العظام، تتحدث عنه، وتُدلي بحاجاته، وتترجم عن أمانيّه. وان شعبا ليس له في هذا الزمان صحافة مثل »السفير«، هو شعب لا يُحس لنفسه وجودا.
لقد نشأت »السفير« ممرَّدة، ووقفت في وجه السيل صامدة، واصبحت صدرا متاحا لأفحل الاقلام، وأنضج الآراء، ترفدها بعصارات العقول البارعة في شؤون الشعب والوطن والامة من جميع أقطارها. وقد وصلت الآن الى الزمن الذي جنت فيه ثمرة الصبر العجيب.
وحين نقول »السفير«، فنحن نعني صاحبها وعميدها، العريق الكبير والصحافي القدير الاستاذ طلال سلمان، عرفته في الصيّاد الأغر، يوم تظاهر لنا الجديرون في الشعر، وتظاهر علينا أصحاب الخيول الهرمة وكانوا الخاسرين.
وكان الاستاذ سلمان يُطاعن هنا، ويُراعب هناك. حتى أصبح الطعن والرُعاب خلَّة من خلاله. وقد لازمته هذه السمة، وأصبحت من صفاته، يكتب في السياسة والأدب والاجتماع، حتى أصبحت »السفير« اليوم حافلة بالرنين، مُجافية للأنين وان تفتّحت بالألم أفواه الجراح.
فيا صديقي طلال سلمان:
لكأني بالشعر في مجال ترسيم القلم الصحافي، كان يعنيك إذ يقول:
»لكَ اليراعُ الذي راعَ الكلامَ به
في حومة القول تصويب وتسديدُ
إن شاء تصحيح مُعتلّ البيان فمنْ
أياته لبياض الخَتْل تسويدُ
مهذّب اللفظ، لا في البوحِ لجلجةٌ
منهُ، ولا عندهُ في الرأي ترديدُ
لو خَطّ سطراً ترى روحَ القياسِ بهِ
فالشمسُ ساطعةٌ والليل موؤدُ
والعاصفاتُ التي رامتْ لسامِعها
ألفاظُها، وحلت منها الأسانيدُ
رشيقةُ السبك لا المعنى بمبتذل فيها،
ولا روحها بالعَسْفِ مكدودُ
يا صاحب الرتبة المعذور حاسدها
إن الكريم على النعماءِ محسودُ«.
ميشال سليمان
السفير، 2631999