نفهم أن تكون الصحافة بكشل عام، والصحف الوطنية بشكل خاص، موضع اتهام من الكتائب،
أما أن يشارك في اتهامها الرئيس رشيد كرامي، تلميحاً أو تصريحاً، فهذا ما لا نرضاه للرئيس وما لا نرضاه منه، ونكاد أيضاً نعجز عن فهمه.
موقف الكتائب مفهوم لأن من مصلحتها الايهام بأن غيرها هو المسؤول عن الفتنة التي التهمت البلاد وأهلها طوال الثمانين يوماً الدامية، وعن استمرار جو التعصب والتوتر والتحريض الطائفي.
والكتائب في النهاية “طرف”، ومن الطبيعي أن تشمل ببركتها الصحف الوطنية انطلاقاً من كونها تعتبر كل وطني مخرباً وكل تقدمي هداماً، وكل من لا يرى رأيها عدواً للبنان الذي يطرطش الدنيا علماً.
أما رشيد كرامي فليس طرفاً، من حيث المبدأ، وهو بحكم مسؤوليته “كمنقذ”، وبحكم مواصفاته الشخصية (من اتزان وحكمة وطول نفس ومتانة أعصاب الخ) يفترض أن يكون في موقع الحكم لا الخصم… خصوصاً وإن هذه الصحف التي يتهمها الآن لعبت دوراً بارزاً في معركة وصوله إلى حيث هو، من داخل دورها كصوت للحركة الوطنية في لبنان.
إن الخطأ لا يصلح إذا ما أضيف إليه خطأ آخر،
وكثير من الممارسات التي صدرت عن الحكومة، بعضها أو كلها، أو نسبت إليها، أو اتخذت باسمها، كانت أخطاء… يستوي في ذلك “البلاغ الغريب” لقيادة الجيش، أو المداهمات في بعض أحياء بيروت التي اتخذت طابع الحملة الرسمية “بفضل” ما رافقها من ضرب وتعذيب للموقوفين على ذمة التحقيق، والتي اضطرت السلطة – من بعد – إلى اطلاق سراحهم جميعاً وبمن فيهم أولئك الذين وجهت إليهم تهم مشينة.
إن الرئيس كرامي يكثر من الحديث عن التغيرات التي أصابت لبنان، وقد أبدى في أكثر من مناسبة عجزه عن فهم بعض ما يحصل فيه…
والرئيس كرامي معذور في هذا… فهو أمام لبنان جديد، قياساً إلى ما يذكر من فترة ما قبل السبعينات: أي ما قبل دخول المقاومة إلى لبنان، وما قبل حرب 1973، وأساساً ما قبل غياب جمال عبد الناصر.
إن لبنان اليوم ينبض بقوة، يغلي، يمزق الشرنقة التي حصر فيها طوالاً، ويرفع صوته بمطالبه، ويرفع مع الصوت السلاح لمواجهة القوى المضادة للتغيير بقوة السلاح.
وعلى كرامي أن يتعامل مع هذا الواقع وأن يتفهمه،
فالذي يصرخ هو لبنان ، وليس “بعض الصحف”،
والذي يندفع – بالعنف – على طريق التغيير المتعذر سلماً هو شعب لبنان،
والقضية هي: من يقف ضد التطور، ضد التاريخ، ضد طموحات شعب لبنان، وليست في من يجتهد للتعبير عن هذه الطموحات المشروعة.
بحث
Subscribe to Updates
Get the latest creative news from FooBar about art, design and business.
المقالات ذات الصلة
© 2024 جميع الحقوق محفوظة – طلال سلمان