لأن من حق مصر، تاريخياً وشرعياً، أن تقود العرب، تكتسب الممارسات السياسية الخاطئة لقيادتها – في أي زمان – قوة خطرة في تأثيرها على المستقبل العربي برمته.
إن أي انحراف تتورط فيه القيادة السياسية لمصر يكتسب على الفور بعداً عربياً، بينما يظل انحراف القيادات في الأقطار العربية الأخرى انحرافاً قطرياً محدوداً في تأثيراته العربية.
فالانحراف في السعودية، مثلاً، سعودي، وفي الكويت كويتي، وفي المغرب مغربي، أما في مصر فهو عربي… لأن مصر هي مركز الثقل العربي، ولأن شرط أي انتصار للعروبة أن تكون مصر طرفاً أصيلاً في تحقيقه.
من هنا فإن أي انحراف في مصر لا تنحصر تأثيراته المدمرة فيها وإنما تمتد لتشمل المنطقة العربية بأسرها.
فالانحراف “المصري” يبرر الإقليمية والانفصالية والقطرية والكيانية والانعزالية في سائر أقطار الوطن العربي.
إنه سلاح في يد اليميني في لبنان، والرجعي في سوريا، والمتآمر على وحدة العراق، وفي يد دعاة الإقليمية الجديدة في الكويت وليبيا وتونس والجزائر، ناهيك بعتاة الانفصاليين الذين لا تعلو أصواتهم ولا تعود تنظيراتهم المريضة إلى الساحة إلا في ظل، وحماية، انحراف سياسي في مصر.
وبهذا المعنى فإن القيادة المصرية – أمس واليوم وغداً – مسؤولة عن أي هزية تلحق بقضية الوحدة في أي قطر عربي وليس داخل مصر فحسب.
ومن حق العرب أن يحاسبوا قيادة مصر عن أي نكسة للتوجه الوحدوي، وعن أي تنام للتيارات الانفصالية والانعزالية في مختلف أنحاء الوطن العربي.
على ضوء هذه المعاني يمكن أن تفهم المجهودات الحثيثة والمتصلة التي يبذلها قادة ليبيا للحفاظ على العلاقات مع مصر، وآخرها زيارة جلود للقاهرة ولقاؤه بالرئيس السادات يوم أمس.
وعلى ضوء هذه المعاني يحمل العرب مصر مسؤولية هذا التوجه الوحدوي الأصيل لقيادة ليبيا… فأنور السادات، في هذه النقطة، مسؤول تماماً كمعمر القذافي، بل وأكثر باعتبار حق مصر التاريخي والشرعي.
بحث
Subscribe to Updates
Get the latest creative news from FooBar about art, design and business.
المقالات ذات الصلة
© 2024 جميع الحقوق محفوظة – طلال سلمان