تكشف التصريحات الإسرائيلية بجلاء طبيعة المهمة التي سيجيء بها كيسنجر إلى منطقتنا خلال الشهر المقبل… فهو آت ليسأل كل حكومة عربية عن مساحة الأرض التي ستتنازل عنها لإسرائيل كي توفر لها الحدود الآمنة.
“اعطوها الأرض فنعطيكم السلام”!
هذا هو شعار الرحلة والمهمة الجديدة.
والحق إن الشعار قديم، نسبياً، فلقد رفعه الدكتور كيسنجر أمام الرئيس السادات أول مرة خلال رحلته الأولى للقاهرة، وكانت قوات الاحتلال الإسرائيلي في “الثغرة” بعد، على الضفة الغربية لقناة السويس. وكان الطلب الأميركي محدداً: “اعطوها الأرض فنعطيكم السلام، فإذا ضربتموها ضربناكم”..
وفي ظل هذا الشعار كانت محادثات الكيلو 101، وكانت جنيف الأولى ثم جنيف الثانية..
وبينما كان عرب حرب رمضان يفترضون إن ما تبقى من الأرض لن يستمر قيد الأسر إلا ريثما تنعقد جنيف الثالثة والحاسمة، تجيء تصريحات رابين بعد زيارته إلى واشنطن لتؤكد العكس تماماً: إن إسرائيل تريد من جنيف الثالثة أن “تطوب” لها ما ترغب فيه من الارض العريبة لكي تفكر بالانسحاب من تلك المساحات التي لا تريدها منها، والتي لا تحقق لها الحدود الآمنة.
وربما إن الفلسطينيين ليس لهم أرض يقدرون على التنازل عنها، فإسرائيل لا تعطيهم الحق حتى بحضور جنيف، وتصر على التعامل مع حامل صكوك الملكية، وهو النظام الأردني..
أما الأميركيون فيتصرفون بمزيد من البراعة، إذ يقبلون الشعار عندما يصلون إلى الفلسطينيين فيقولون لهم: “اعطوها السلام فنعطيكم أرضاً”..
… شحنات الأسلحة الاميركية الجديدة لإسرائيل تضمن، بالقطع، هذا السلام والأرض التي سترفرف فوقها أعلامه..
الأرض من العرب، والسلاح من أميركا، ومعه وبه يكون سلام إسرائيل!
وهكذا يتكامل تحقيق الحلم الإسرائيلي الذي لم يتمكن جيشها من تحقيقه بالحرب، حتى عندما كان يهزم فيها العرب كما في 5 حزيران 1967، فتأخذ ، بعد الحرب الوحيدة التي لم تكسبها، الأرض والسلام معاً!
هذا، إذا ظلت الرياح مؤاتية لأشرعة “العزيز هنري”، في مصر خاصة، وفي غيرها من الأقطار العربية…
والتحفظ ضروري بعد الملامح الأولى للتحسن في العلاقات المصرية – السوفياتية، فمع عودة السوفيات يعود كثير من الأوضاع والأشخاص إلى حجومهم الطبيعية، يستوي في ذلك العزميز هنرين والدور السعودي في المعركة، وبالتحديد النظام الأردني…
والنظام الأردني، كما هو معروف، هو الوحيد الخلي البال من هموم الأرض ومن هموم السلام في آن واحد!
بحث
Subscribe to Updates
Get the latest creative news from FooBar about art, design and business.
المقالات ذات الصلة
© 2024 جميع الحقوق محفوظة – طلال سلمان