العدد الأول في السنة العشرين!، ما أبهى الربيع ينبثق قوياً كالحم فيشق عتمة الليل الساجي لزمن البؤس،
… وقبل عدد اليوم 6442 “سفيراً”، هذا عدا الأعداد الممنوع صدورها بالأمر، أو التي تعذر إصدارها بالقهر، قهر الاحتلال الإسرائيلي، أو تعذر – بعد الطبع – توزيعها لأن الحرب وأدواتها كانت تحتل المدينة وتطلق غيلانها لالتهام كل نبض وكل التماعة أمل وكل وردة ندية وكل ما يذكر أو يبشر بالغد: بالسلام، بالوحدة، بالعدل، وبالحرية التي هي شرط حياة.
عشرون ربياً: عمر كامل من تجرع المرارة، من القلق، من الخوف، من مقاومة الشعور بالمهانة، من التصدي المفتوح – بعدد الدقائق والساعات والأيام والأسابيع – لمحاولات الإبادة والقتل الجماعي، إبادة القيم قبل البشر، وقتل المثل والمشاعر والعواطف والطموحات قبل المؤسسات بدءاً بالدولة وانتهاء بحصن الديموقراطية والكرامة الإنسانية: الصحافة.
“عشرون ربيعاً… للوحدة”!،
“عشرون ربيعاً… للحرية”!،
“عشرون ربيعاً… للعدل”!،
أهي مبالغة أن تعطي “السفير” لدورها (المرتجى؟) مثل هذا التوصيف وهي تحاول استعادة أنفاسها والمساهمة في إعادة بناء الصحافة العربية في لبنان وانطلاقاً منه، بعدما أخمدت فيه نيران الحرب الأهلية التي يسعى الآن دعاة الصلح مع إسرائيل إلى إشعالها في أنحاء أخرى من دنيا الهزيمة العربية؟!
وليست الصحافة ولن تكون نقشاً عربياً على الدولار الأميركي، بل هي العرق والدموع والدماء وليالي الأرق الممض والتحدث الدائم لأسباب القهر والإذلال والأخضاع والتزوير، وللمروجين للاستسلام المريح في قعر العجز طالما أن عصر الثورات قد انقضى، وإن العقائد إلى اندثار، وإن الصراع قد حسم بعد انتصار الحق على الباطل بقيادة الولايات المتحدة الأميركية ونظامها العالمي الجديد.
ليست الصحافة مداحاً في بلاط السلطان، أو منافقاً خصوصياً للحاكم أو المتحكم، وليست كذاباً مأجوراً يروج للديموقراطية في بلاد الأعداء بينما هو يحذر “شعبه” من مويقاتها ومن مخاطرها على السلامة العامة التي لا يحمي حماها إلا الملك – الخادم أو القائد – الأمة أو أمير المؤمنين الذي استخلف نفسه في الأرض فوجبت طاعته على المؤمنين!
كذلك فليست الصحافة “صالون تجميل” متخصصاً في تنظيف وجوه المحتكرين، وفي تليين عضلات المستغلين، وفي طمس الحقائق المشوهة لسمعة الإقطاع السياسي أو تجار المذاهب والطوائف ومافيات الحروب الأهلية.
لقد انتهت الحرب، إذن يجب أن تعود الصحافة.
و”السفير” لا تحتفل في عيدها بنجاحاتها السياسية أو المهنية، ولكنها تحاول أن تقول إن السلام الأهلي لا يتعزز إلا بالديموقراطية، وإن الديموقراطية لا تقوم إلا بصحافة قوية تعكس حيوية الصراع السياسي في البلاد بالكلمة، بالرأي، بالبرنامج، بالفكرة البكر وليس بالمدفع أو بالعبوة الناسفة أو بكاتم الصوت.
ولا صحافة حيث لا حياة سياسية.
لذا فليس من صحافة في معظم أرجاء الوطن العربي،
واحتفالنا بعيد “السفير” هو دعوة إلى حماية ما تبقى من صحافة عربية، وإلى إطلاق حرية أصحاب الفكر والقلم والاجتهاد قبل أن يتم تحويلهم جميعاً إلى نقوش على حوافي الدولار الأميركي المزين بشعار سيفين بلا صاحب يتقاطعان على نخلة بلا جذور!
… وإلى عشرين ربيعاً آخر، على ستة آلاف “سفير” آخر، وإلى عشرين ألف قلم يخوضون معاً معركة الحرية والوحدة والعدل في كل أرض عربية.
بحث
Subscribe to Updates
Get the latest creative news from FooBar about art, design and business.
المقالات ذات الصلة
© 2024 جميع الحقوق محفوظة – طلال سلمان