في أخبار الاذاعات، ومعظمها “مصنوع” و”مطبوخ” ومعد للتصدير، أي للتسويق الجماهيري لدى المستمع “المحايد” والخام، ما يستوقف لأنه ي كشف بعض المخبوء لدى المرسل والمتلقي.
على سبيل ا لمثال، لا الحصر، تضمنت نشرات الأخبار في إذاعات الطوائف وميليشياتها يوم أمس خبراً واحداً مع بعض الاختلاف في التفاصيل:
*فأهالي القليعات، في كسروان، طالبوا طرفي الاقتتال الماروني – الماروني، بالانسحاب من بلدتهم فوراً وبغير إبطاء،
لا يهم إلى أين، وإلى أية بلدة أخرى، ربما في كسروان ، المهم أن يخرجوا – بحسب الاذاعة – من القليعات ولو إلى… الوزارة!
** وأهالي إقليم التفاح، في جبل عامل، بحت أصواتهم وهم يطالبون طرفي الاقتتال الشيعي – الشيعي، بالخروج من منطقتهم، لا فرق أن يخرجوا إلى الوزارة (أو منها) أو إلى جنات الخلد أو إلى مناطق أخرى في الجنوب أو سائرأنحاء لبنان.
في كل منطقة منكوبة يصرخ الناس قائلين إنهم ضد السلاح والمسلحين، وإنهم خارج الميلشيات، وإنهم لو استطاعوا لخرجوا نهائياً من الحرب.
الطريف إن بعض الميليشيات تشترط لوقف الحرب أن تدخل الحكم.
الأطرف إأن البعض الآخر من الميليشيات قد دخل الحكم من غير أن يخرج (ويخرج البلاد) من الحرب،
لكأنما التورط في حروب الطوائف أو الحروب على الطوائف أو الحروب في قلب الطوائف هي مؤهلات المشاركة في حكم الطائف: حكم كل الطوائف.
ربما لهذا يحس المسالمون من المشاركين في الحكم، وهم قلة قليلة، إن لا مكان لهم في الحكم، في حين يتهمهم “الحربجيون” إنهم بين أسباب ضعف الحكم.
وربما لهذا تزيد الفجوة بين المواطن الكافر بالحرب وأمرائها وبين رموز الحرب داخل الحكم أو أولئك الطامحين إلى دخول جنات نعيمه!
إسرائيل وإرادتها المقدسة!
“من حق إسرائيل أن تلاحق المخربين في كل مكان يوجدون فيه،
وبهذا المنطق الديموقراطي المتحضر عاد الطيران الحربي للعدو الإسرائيلي إلى السماء اللبنانية، فأغارت مقاتلاته يوم أمس على ما أسمته قواعد الجبهة الشعبية – القيادة العامة، في بعض أطراف الشمال وفي قلب البقاع الغربي.
من غزة، إلى الضفة الغربية، في أرض فلسطين، إلى بعض تخوم الأرض اللبنانية من جهتي الشمال والشرق، من دون أن ننسى سياسة الأرض المحروقة في الجنوب، تطارد حراب العدو الإسرائيلي ومدافعه وطائراته وميليشياته بقايا إرادة القتال في صدر المواطن العربي مستهدفة استئصال إرادة الحياة.
في الوقت ذاته تعلن إسرائيل إنجاز بناء أربعين ألف شقة في القدس، في سياق استعداداتها لاستقبال اليهود الجدد المستوردين من الاتحاد السوفياتي وبعض أنحاء أوروبا الشرقيةز
لكأنما إسرائيل هي قدر العالم، وليس العرب فقط،
لكأنها – معاذ الله – تجسيد للإرادة الالهية: تقرر أن تبدل مكان هذا القطر أو ذاك فتبدلهم، تلغي هوياتهم، تاريخهم، علاقتهم بأرضهم، أحلامهم، ذكرياتهم… تستقدم “السوفياتي” وتقطعه بيت الفلسطيني، وتدفع بالفلسطيني خارجاً متمنية أن يأخذ بيت “اللبناني” لتنتقل الحرب إلى خارجها ويتلهى الضحايا بصراعهم العبثي عنها.
“تخترع” شعباً من تجميع أشتات شعوب الأرض، وتلغي شعوباً فتشطبها من ذاكرة العالم فإن بقي منها أحد صنف إرهابياً أو مخرباً ونبذه العالم كله ورفض الاعتراف به كإنسان، كابن لأرض بعينها ومساهم في حضارة الإنسان في كل أرض… وترك لإسرائيل أمر تصفيته وإعدامه حتى لا يشوه وجه التقدم الإنساني المعاصر.
الانتفاضة إرهاب، والاعتراض على الإبادة الجماعية للشعب العربي في فلسطين وخارجها “تخريب”، والتعرض للمصالح الأميركية والغربية عداء للسامية واعتداء على حقوق الإنسان.
من يؤكد إنسانية الإنسان العربي؟
من يشهد لهذا المخلوق إنه إنسان؟!
من يجرؤ على تحدي الإرادة الإسرائيلية المقدسة؟!
رجل أوروبا المريض
تحولت أول دولة اشتراكية في التاريخ، دولة البروليتاريا ومركز الثورة العالمية من أجل غد أفضل للإنسان في كل أرض، إلى “رجل أوروبا المريض”،
لكن الغرب، الأميركي منه والأوروبي، ليس شديد القسوة على “نسيبه” المريض كما كان مع “رجل الشرق المريض” السلطنة العثمانية،
من هنا فقد توجه قادة حلف الأطلسي إلى شقيقهم “الغربي”، الذي كان ضالاً فاهتدى، ميخائيل غورباتشوف، فدعوه إلى تشريفهم بزيارة في مقر قيادة الحلف في بروكسل لمناقشة مستقبل الكون.
“رجل أوروبا المريض” يطلب الدواء الآن من حلف الأطلسي الذي ما قام أصلاً إلا من أجل حصاره وقتاله وشطبه من خارطة الكون.
لكن الغرب غرب والشرق شرق،
هناك تتهاوى العداوات التاريخية وتذوب الأحقاد المتوارثة جيلاً بعد جيل، وتندثر الحدود بين أمم متنافرة في كل شيء من المزاج إلى المصالح والدين والعقيدة والنظرة إلى الحياة،
وهنا في بلادنا تبتدع أنظمتنا، أو يتفنن الحاكمون والمتحكمون فينا في اختراع أسباب للخصام والاقتتال بين الأخوين وداخل البيت الواحد…
إذا كان الاتحاد السوفياتي “رجل أوروبا المريض” فماذا نحن؟!
وهل لنا أهل يهتمون لمصيرنا؟!
من المسؤول؟!
رحم الله الشهداء من حجاج بيت الله الحرام، والهم آلهم الصبر والسلوان،
ومع التقدير للحرج الشديد الذي تعانيه المملكة العربية السعودية نتيجة لكارثة النفق، فهل لنا أن نطلب تحديد المسؤولية الفنية (الهندسية) عن الكارثة، ونعرف شيئاً عن التدابير المتخذة لمنع تكرارها؟!
بحث
Subscribe to Updates
Get the latest creative news from FooBar about art, design and business.
What's Hot
المقالات ذات الصلة
© 2025 جميع الحقوق محفوظة – طلال سلمان