من اختار شباط موعداً لعيد العشاق كانت عينه على لبنان واللبنانيين حيث الكل يموت حباً في الكل: الطوائف في الطوائف، المذاهب في المذاهب، الرؤساء في الرؤساء، الوزراء في الوزراء، الحكومة في المواطنين، والمجلس النيابي في الجميع!
تكفي نشرة أخبار متلفزة واحدة لتتأكد من سريان الحب على المستوى السياسي كالنار في الهشيم: حزبيو يسار الحرس الحديدي القديم يعانقون نمور اليمين الفاشي الجديد، ونسّاك الوسط التائه خلف البترودولار يراقصون كهنوت الإيمان الراسخ باليورو، والجنرال الذي أعلن عن حبه بمدافع التحرير يقصفنا الآن بعشقه للوطن من منفى الرفاه، تجار المواقف اليومية يسفحون حبهم العظيم لسوريا على الطرقات فإن سدت أمامهم لجأوا إلى »تهريبه«، والساعون إلى الكانتونات والتقسيم يعزفون أشعار الهيام على قانون الوحدة الوطنية الراسخة، والمتيَّمون بإسرائيل يطلقون مواويل الغزل بالمقاومة وهم يتأوّهون من لوعة الفراق..
أما على المستوى الاقتصادي فالحب قتّال: المصرفي يقتل الدولار حباً بالليرة، و»الصناعي« يخنق »التاجر« حباً بالجمارك، والتاجر يعتصر المستهلك ولهاً بشهر التسوق، أما المزارع فيجرفه طوفان المحبين من الرؤساء والوزراء والنواب والمديرين ويلقيه صريع هوى على رصيف عشاق الشجر والزهر والثمر..
فأما المستثمر الذي يحبنا ونحبه ويحب ناقته بعيري فيتلظى شوقاً ولكنه لا يجيء خوفاً من »العذول« المتربص به وبنا.
.. وأما نواب فرنسا فيعلنون ذلك النوع من الحب »العذري«، وهم يستقبلون رفيق الحريري في باريس مثبتين أن غيرتهم من سوريا قد تقتل »الأم الحنون«!
.. وأما الإسرائيليون فقد أكدوا تعلقهم بالديموقراطية باختيار أرييل شارون ممثلاً شخصياً لسان فالنتين مستندين إلى تاريخه العظيم في العشق المؤكد بدواوين شعره في ضحايا حبه العنيف في صبرا وشاتيلا، قديماً، وفي كل فلسطين أمس واليوم وغداً.
لكأننا لا نعرف إلا نوعاً واحداً من الحب: هو ذاك الذي يقتل! وكل عام وأنتم بخير!
بحث
Subscribe to Updates
Get the latest creative news from FooBar about art, design and business.
المقالات ذات الصلة
© 2024 جميع الحقوق محفوظة – طلال سلمان