رحل عنَّا بالأمس واحد من صناع الفرح والبهجة وملوك الدبكة البعلبكية التي تشي مشاهدها وتجعله يتحسر على جهله بأصول هذا الفن الذي يؤكد في الرجل زخم الشباب حتى لو بلغ الثمانين او تجاوزها بسنوات وهو يتماوج في الحلبة كابن عشرين عاما أو أقل.
“ابو مصطفى” او حسن شلحة، كان الركن الثاني للفرقة، بعد “ابو يحيى” و”ابو ماجد” ومعهم فتية يتدربون على اياديهم بأقدامهم وبروح النخوة والفخر ببعلبكيتهم، وبالمنافسة الطبيعية على استقطاب اعجاب الجمهور، ولا سيما صباياه اللواتي يغرهن الثناء، ويحاولن تقليد امراء الدبكة الذين يسارعون إلى احتضان المعجبات لتدريبهن على الخطوات التي تهز الخصور فتتمايل مثيرة النشوة في الجمهور و”الجو” بحيث أن الطيور تشارك بزقزقاتها او انغام البلابل الشجية وكأنها سكرت وما هي بسكارى.
..وكان علي حليحل يتوقف عن الغناء الشجي ليمسك “على الاول” في صف “الختايرة” وهو “الفتى الغر غض الاهاب”.
لقد فقدت ليالي الانس بهجتها، حتى من قبل وصول وباء كورونا الينا.. وها هو الموت يختطف ثالث الكبار من فرقة هياكل بعلبك..
حمى الله عمر حماده الذي يحمل على كتفيه، كما في قدميه ويديه وعينيه وحركة يديه ورعاية فرقته، هذا الارث من الطرب والبهجة والنشوة..
وهذا اكثر ما يحتاجه الناس في عصر كورونا والكمامات والحجر المنزلي وافتقاد ليالي الانس واللقاءات الحميمة التي تمتلئ بنشوة “عالزينو الزينو الزينو هالاسمر تسلم عينو”.
ورحم الله “الختايرة” الذين منحوا ما لا يُشترى بمال قارون، ولا يعوض الا بالحرص على هذا الفن الشعبي الرفيع.