بين أبهى المضامين التي عبرت عنها هتافات الشباب، فتية وصبايا، افتراقهم الواضح عن الطبقة السياسية الحاكمة، بشخصياتها المفخمة بألقاب أصحاب الدولة والمعالي، وكذلك أصحاب الثروات والعمارات والأحياء التي أسقطوا عليها “أسماءهم” وكأنها جاءتهم بالوراثة.
إن أبناءنا وأحفادنا أعظم وعياً منا، وطنيتهم راسخة، وتمسكهم بأرضهم التي منعت بالأمر من ان تكون وطناً، أصلب مما كنا نظن، وأقوى مما يفترض الحاكمون.
لقد شهدنا، بأم العين، ولادة “الوطنية” في لبنان عبر ولادة “الشعب الجديد” الذي قدمه الصبايا والفتية في أبهى صوره..
ولقد أداننا هؤلاء الفتية الأبرار وهم يعلنون أنهم ليسوا مسؤولين عن الحرب الأهلية التي خاضها أو تعرض لهم أهلهم، في ظل ظروف ضاغطة محلية وعربية وأجنبية، من دون ان ننسى العدو الاسرائيلي واحتلاله ـ مفيداً من الحرب الأهلية ـ بعض أرضنا في الجنوب، قبل أن يتقدم لاحتلال بيروت، مروراً بالقصر الجمهوري ووزارة الدفاع والسراي الكبيرة.. وصولاً الى فرض رئيس جديد للجمهورية كان قد أعده بعناية عبر لقاءات وزيارات متكررة.. ثم قدم له هدية ثمينة عبر المذابح المنظمة ضد الفلسطينيين في مخيمات صبرا وشاتيلا أو في الطريق اليها في صور وصيدا… مساعداً الميليشيات الطائفية على “تطهير” تل الزعتر والنبعة من “العصاة الفلسطينيين”.
ها هو لبنان يولد، أخيراً، وطناً،
ها هي أجيالنا الجديدة تولد، من جديد، كمواطنين.
لقد استولد هؤلاء الفتية الأغرار والصبايا المشرقات غدنا الأفضل!