غزة ـ حلمي موسى
وفي اليوم الخامس والثمانين، أمل يكبر بنصر قريب.
يكثر الحديث عن المرحلة الجديدة من الحرب على غزة من دون أن تكون تفاصيلها واضحة على نطاق واسع.
وتتعين أولا الإشارة إلى أنّ هذه المرحلة لا تعني نهاية الحرب، وإنما هي تعني تغيير أولوياتها. وقد دار حديث مطوّل، وجرت اتصالات كثيرة بين كل من اسرائيل والولايات المتّحدة بشأنها. وفي الفترة الأخيرة، ألحّت واشنطن بشدّة على الانتقال إليها، وهو ما تبدّى في موقف السفيرة الاميركية في مجلس الأمن أمس، وما دار في الاتصال الهاتفي الأخير بين وزير الدفاع الأميركي وبين وزير الحرب الإسرائيلي.
ويتلخّص عنوان هذه المرحلة باستمرار الحرب على المقاومة، مع تقليص أضرارها على المدنيين، أي تقليص القصف الشديد واللجوء الى ما يسمى بعمليات الكوماندو والعمليات الجراحية من استهداف للمطلوبين من دون الحاق أضرار كبيرة بالمدنيين.
ونقطة الخلاف الأولى بين الولايات المتحدة وبين الكيان هي حول موعد بدء هذه المرحلة.
وبحسب صحيفة “يديعوت احرنوت”، فإن الولايات المتحدة ترغب في رؤية الجيش الإسرائيلي ينفّذ المرحلة الثالثة في وقت مبكر من منتصف الشهر المقبل، ولكن إسرائيل تريد البدء بتحريك الفرق بطريقة آمنة بعد أسبوعين.
ومن وجهة نظر عسكرية، يفهم الجانبان أن الانتقال من المرحلة الحالية يجب أن يستغرق حوالي أسبوعين، حيث لا يتطلب الأمر أكثر بضعة أيام على الأقل لإخراج فرقتين بطريقة آمنة، والتموضع على الخطوط التي حددتها قوات التحالف. وتشمل خطوة إعادة الانتشار في غزة ما يقرب من خمس فرق. وهنا تظهر الفجوة، حيث تود الولايات المتحدة أن ترى نهاية الانتقال إلى المرحلة التالية في منتصف الشهر الأول من العام، في حين أن إسرائيل ترغب في البدء بها في ذلك الوقت.
وعلى الرغم من الخلافات، لم تكن المحادثة بين وزيري الدفاع الأميركي لويد أوستن والإسرائيلي يوآف غالانت صعبة. وقد أكد أوستن تصميم بلاده على ضمان تجريد “حماس” من قدرتها على تهديد أمن إسرائيل، مشدّدا على أهمية حماية مواطني غزة وتسريع وصول المساعدات الإنسانية. كما ناقش الاثنان التهديدات التي يتعرض لها الأمن الإقليمي، بما في ذلك زعزعة “حزب الله” للاستقرار، والتحركات في جنوب لبنان، وهجمات الميليشيات المرتبطة بإيران ضد القوات الأميركية في كل من العراق وسوريا، وهجمات الحوثيين ضد التجارة الدولية في البحر الأحمر.
وخلال الأسبوع الحالي، فوّض المجلس السياسي الأمني مجلس الوزراء لإدارة الحرب باتخاذ قرار بشأن مراحل الحرب، وإذا كان سيتم الانتقال من “المرحلة ب” إلى “المرحلة ج” – وهو في الواقع الانتقال من عملية مكثفة إلى عملية أكثر جراحية.
وبحسب “يديعوت” فإنه، ووفقًا للخطة المقدمة إلى الحكومة، من المقرر أن تشمل المرحلة الثالثة من الحرب، انسحاب الجيش الإسرائيلي من مناطق هجومية معينة، بينما تستمر، في الوقت نفسه، الغارات البرية على “أهداف إرهابية” داخل قطاع غزة، بالإضافة إلى الغارات الجوية. ومن المتوقع أن ينتقل الجيش الإسرائيلي إلى المرحلة الثالثة من الحرب في شمالي قطاع غزة أولا، بينما يستمر النشاط الهجومي المكثف في خان يونس حتى “تحقيق جميع الأهداف”.
وفي المرحلة الثالثة، ينبغي أن يكون هناك بالفعل شريط أمني أو منطقة عازلة مبنية على طول الحدود بين غزة وغلافها، بطول يتجاوز الكيلومتر الواحد. والعمل جار بالفعل لتهيئة المنطقة.
بالإضافة إلى ذلك، من المفترض أن يعمل الجيش الإسرائيلي على التأكّد من عدم دخول أي شخص إلى المنطقة منزوعة السلاح بأي وسيلة.
من المتوقع أن يتموضع الجيش الإسرائيلي في المرحلة الثالثة داخل قطاع غزة في نقاط مثل ممر وادي غزة، لمنع العودة غير الخاضعة للرقابة للسكان إلى شمالي قطاع غزة، ومع ذلك، من المتوقع أن يسمح لبعض السكان بالعودة، “بشروط معينة وإلى حدود محددة”. وعلى عكس المرحلة الثانية، فإن المرحلة الثالثة من الحرب ستستغرق ما بين تسعة أشهر وسنتين، يستمر خلالها القتال. وقد تم عرض التفاصيل على مجلس الوزراء. وفي نهاية هذه المرحلة، من المتوقع القضاء “حماس” التي من غير المتوقع أن يتم تدميرها، بل أن تفقد معظم قدراتها.