توفر التنازلات العربية المتكررة عن الارض والسيادة الفرصة امام العدو الاسرائيلي لمد نفوذه ومن ثم سيطرته على المشرق العربي بدوله كافة من مصر إلى قطر ومن البحرين إلى الاردن.. وبات من حق رئيس حكومة العدو الاسرائيلي، بنيامين نتنياهو، أن يتباهى بأنه قد زار دبي من قبل، وانه سيرحب بالشيخ محمد بن زايد في تل ابيب في أي وقت يناسبه.
مفهوم أن شركة الطيران الاسرائيلي (“إلعال”) تطير في اجواء دولة الامارات العربية المتحدة ثم السعودية لتعبر الخليج العربي وهي متجهة إلى الشرق الاقصى، فلا يعترضها احد.. وهذا ما يُفرح الاسرائيليون كما قال بعض قادتهم بشيء من الامتنان.
ومفهوم أن يصمت العرب عن مباشرة التبادل التجاري بين الامارات ودولة العدو، وان تصل اول باخرة آتية من دبي إلى حيفا في الارض المحتلة حاملة بعض المصنعات والبضائع الاستهلاكية فتجد في استقبالها من يهلل لهذا الانتصار الاسرائيلي المبين الذي سيسمح بأن يرسل العدو الاسرائيلي منتجاته لتكون في متناول الاصدقاء العرب الملتحفين بالكوفية والعقال.
لقد تمددت اسرائيل فصار لها تمثيل رسمي في كل من مصر والاردن وامارة قطر، وها قد وصلت إلى دولة الامارات والبحرين، في قلب الخليج العربي، مع ملاحظة أن الطائرة الاسرائيلية التي حطت في دبي قد اخترقت اجواء المملكة العربية السعودية من دون أي اعتراض.
وفي حين تعيش سوريا والعراق حالة من الاضطراب والخوف من التفكك في ظل الغارات الاسرائيلية المتواصلة، والتي تقصف اهدافاً محددة تمتد ما بين بانياس وأطراف دير الزور فضلاً عن دمشق ذاتها… في حين تتوالى الاغارة على ما تبقى من قواعد عسكرية اميركية في العراق.
مضت وانقضت ايام هارون الرشيد ومخاطبته الغيوم التي عبرت الافق فوق رأسه متجهة إلى البعيد بقوله: أمطري حيث شئت فان خراجك عائد الي..
بالمقابل تكاد سوريا تضيق بأهلها فينتشر الملايين منهم في أربع رياح الارض.. ويستغل “السلطان” اردوغان هؤلاء الهاربين من بلادهم، سوريا أرض الخير، فيجند شبابهم ويرسلهم لاحتلال ليبيا، والآن لمناصرة الآذريين ضد الارمن.. بينما يحاول الكثير منهم السفر إلى اوروبا في زوارق أعجز من أن تقاوم الموج فيغرق من فيها الا من يسعده حظه بالنجاة.. في انتظار أن تمر اية سفينة أو زورق فتكون له حياة جديدة.
إن صورة العرب اليوم تبعث على الاشفاق:
1- لبنان يعيش حالة من الشلل، سياسياً، في حين تزداد حدة الازمة الاقتصادية ويعاني أهله من تدني قيمة العملة الوطنية وتعاظم الغلاء، بحيث يعجز الناس عن تأمين حاجاتهم البسيطة ويتهددهم الجوع في ظل فراغ في السلطة أو العجز عن اتخاذ القرار..
2- وسوريا تضيق بأهلها، وتتوغل قوات العدوان التركي في شمالها وشرقها مقتربة من دير الزور.. بينما يعمد الاميركيون إلى إنزال مجاميع من قواتهم لإنشاء قاعدة لهم في منطقة دير الزور للهيمنة على منابع النفط والغاز وحرمان السوريين من ثروتهم الطبيعية. وفي حين يهيمن الروس على الموانئ، طرطوس واللاذقية، فإن الرئيس الروسي بوتين لم يقصد القصر الجمهوري للقاء الرئيس السوري بشار الاسد، بل ناداه فجاء إلى السفارة الروسية في دمشق!
3- أما العراق فيعاني اهله من الفقر، وتحاول حكومته حفظ العلاقات مع إيران من دون اغضاب الاميركيين او مدارة الاميركيين من دون إغضاب إيران..
اسرائيل تتعاظم قوة في ظل تسكع العديد من قادة العرب عند بابها في طلب الصلح معها و”التعاون من اجل الغد الافضل”..
ودول المشرق العربي التي كانت منارة الحضارة عبر التاريخ تتضاءل قوتها ويتعاظم ضعفها على الرغم من غنى أرضها واستعداد اهلها لبذل ارواحهم من اجل تقدمها..
والتاريخ لا يرحم ولا يقبل الضعفاء..
” وطني لو شغلت بالخلد عنه *** نازعتني إليه في الخلد نفسي”
ينشر بالتزامن مع السفير العربي