هل أمتع من أن تُمضي بعض وقتك في البقاع “محاصراً” بخضرة الارض بما زرعت، والسلسلتين، الشرقية والغربية، وقد جللهما الثلج ناشراً طوقاً من البهاء حول الشمس التي تبدو وكأنها تستعيد اشراقتها السنية التي حجبتها غيوم الشتاء ثقيلة الوطأة والظل.. وجريمة اختصار ساعات النهار؟
العشب أشبه بفراش للحب، يدعوك لأن تستلقي فوقه، متخففاً من أثقال همومك، مستمتعاً ببعض ما تمنحه الطبيعة ولا ننتبه اليه الا اثناء العبور من المدينة إلى “الضيعة” او خلال العودة منها.
للسماء زرقة شفافة، واشعتها تتحول على مناقير الشحارير والحساسين وحتى عصافير الدوري إلى جوقة طرب تنشيك وتنبهك إلى كم تحرمك المدينة بازدحامها بالبنايات والسيارات والبشر ودخان التلوث من متعة الاستغراق حتى النشوة في جمال الطبيعة..
تنتبه إلى شحرورين ينتحيان جانباً وهما يتهامسان بأنغام اللهفة والشوق إلى التلاقي، وتتمنى لو يطول لقاؤهما حتى تبلغ ذروة الطرب.. ثم يلفتك قطيع من الاغنام يتقافز الحملان وسط الاهل تعبيراً عن النشوة والفرح بالربيع الذي يوزع رواءه وأنسامه الناعمة على الطبيعة والمخلوقات جميعاً.
تغرق في تأمل القمم المكللة بالأبيض والتي تبشر بقمح كثير وفاكهة شهية عنباً وتيناً وتفاحاً واجاصاً وسفرجلاً تحيطه اكاليل البيلسان..
تنسى “وعثاء” طريق العودة، وتنصرف إلى الاستمتاع بجمال الطبيعة، قبل أن تطل على بيروت المحتجبة في ضباب الدخان والهموم سواء منها الدائمة أو الطارئة.