الفرح.. أروع ما رافق “الثورة” التي يعيشها اللبنانيون منذ أربعين يوماً أو يزيد، الشباب يرقصون، يغنون، يعقدون حلقات الدبكة، يتباسطون، يتبادلون المآكل التي حملها كل منهم من منزله.
الثورة فرح. انها الطريق الى الغد الأفضل.
الثورة حب. حب للآخرين، كل الآخرين. حب للموسيقى والرقص. حب للفرح. حب الحياة.
لقد أجبرنا، “النظام” على الكراهية، صرنا نكره بعضنا بعضاً في بلد الجمال والهواء المنعش والدبكة والطرب.
بلد فيروز والرحابنة بلد وديع الصافي ونصري شمس الدين والمبدع ابن مشغره البار زكي ناصيف ومعين شريف وملحم زين.
لقد قسمنا أهل النظام طوائف ومذاهب. أنكروا علينا اننا مواطنون مثلهم، وان كنا أعظم وطنية، وأصدق خلقاً، وأكرم ـ نسخو على المحتاج والفقير ولو نمنا بلا عشاء.
ان أهل الثورة، الآلاف، عشرات الآلاف، مئات الآلاف الذين ضاقت بهم الساحات والشوارع والطرقات على امتداد مساحة لبنان، يغنون حباً، يهزجون طرباً، يصوغون مطالبهم شعراً، يعقدون الخناصر للدبكة، يشيعون الفرح في مختلف نواحي الوطن الجميل والذي كان صغيراً فكبر بأهله.
أخرج هذا الشعب لبنان من الأسطورة: أسقط الكيان المصنع بعيداً عن اهله ليبني الوطن، الذي من دونه لا يكون شعباً، بل رعايا لنفوذ الدول الأخرى.
لقد حولت الثورة من “كيان” اصطنعه الأجنبي لدولة مستولدة قيصرياً الى وطن، وحولت الرعايا المتباعدين، المتخاصمين بفضل النظام الأشوه، المتكارهين الى شعب يرقص فرحاً بهذا التحول الذي أعاد اليه كرامته واعتزازه بالوطن الذي استولده بثورته.