استذكرت، خلال زيارة قصيرة للقاهرة، الأسبوع الماضي، الكاتب الكبير الذي استحق جائزة نوبل للآداب نجيب محفوظ، خلال جولة سريعة في حي الحسين وبين الاحياء الفاطمية في قاهرة المعز، وبعض سهرات “الحرافيش” معه في بيوت بعض اصدقائه المقربين..
لقد سألني مرة عن لبنان، وعن “بيروته” تحديداً، وهي التي سمع عنها الكثير ولم يزرها، لأنه يخاف من ركوب الطائرة، وعندما هممت بالكلام قال واحد من الحرافيش جملة لم افهمها تماماً فنبر به الكاتب الكبير: انا عارف رأيك، وعارف انك مارحتش بيروت ولا مرة، سيب الراجل ابن لبنان يحدثنا عما لا نعرف.
حاولت أن اوجز ما اعرفه، فطلب صاحب “زقاق المدق” أن اكمل فأصف الساحات والمكتبات فيها ودور الصحف وكل ما له علاقة بالكتابة والنشر.. فانطلقت اصف بيروت ـ الاميرة وضاحيتها النوارة ودور النشر العديدة فيها، وبعضها يطبع كتباً لم يستأذن اصحابها، فقاطعني الاديب الكبير: إنسَ، يا عم، دي بلوى عربية عامة، وانا شاهد حي عليها، فمعظم رواياتي وكتب بعض اصدقائي الكتَّاب نُشرت وطبعت اكثر من مرة ومن دون استئذان..
وقاطعه “الحرفوش” اياه: ده نصب يا استاذ، كيف تسكت دولتكم عن هذه السرقة العلنية..
وانفجر الاديب الكبير ضاحكاً وهو يقول: ده الوقت انت اللي بتسرق حق الكلام، سيب صاحبنا اللبناني يعرفنا بما لا نعرف، خصوصاً انا الذي اتشوق لمعرفة لبنان الجميل.. لولا أن خوفي من الطائرة اعظم من اشتياقي إلى السفر..
وتنهد الاديب الكبير وقال بحرقة: غيري من الادباء وكبار الفنانين كانوا أسعد حالا مني. كانت فلسطين صلة الوصل مع المشرق وقد غصبوها..
دعونا نغير الحديث.