في منتصف شباط من العام 1982 انشق الضابط في الجيش اللبناني الرائد سعد حداد عن قيادته، وباشر تحت رعاية العدو الإسرائيلي إنشاء “جيش لبنان الحر”.
كانت الصحف خاضعة آنذاك، لرقابة الأمن العام.. وكنا نرسل “السـفير”، كما سائر الصحف الى الرقابة، فتحذف ما تجده ضاراً أو مسيئاً أو مستفزاً لأصحاب السلطة..
وهكذا فان الرقيب أمر بحذف خبر العميل سعد حداد من صدر الصفحة الأولى في “السـفير” بحجة “عدم إثارة الخواطر والحفاظ على السلم الأهلي”..
وبطبيعة الحال فإننا لم نقتنع بهذه الذرائع وأعتبرنا أن واجبنا الوطني يقضي علينا بفضح هذا العميل وإدانته بخبر مفصل احتل يومها، صدارة الصفحة الأولى..
ولقد اتصل بي صباح الصدور المدير العام للأمن العام الأمير فاروق أبو اللمع، “ليفاوضني” على مدة تطيل “السـفير” لأنها لم تلتزم بما قررته الرقابة بحذف خبر انضمام هذا الضابط الذي خان بلاده وشرفه العسكري وانضم الى جيش العدو..
كان الأمير فاروق صديقاً ظريفاً ومحباً للحياة وكارها لموقعه الرسمي وهو الذي كان يأمل ان يأتي به صديقه الرئيس الراحل الياس سركيس وزيراً، خصوصاً وانه كان يأنس إليه ويوده، ولكنه بدلاً من ذلك عينه “رئيساً للعسس”..
قلت للأمير فاروق أبو اللمع: أما وانك تسألني عن مدة التعطيل فرأيي أن تعطلني حتى يرحل الرئيس سركيس وترحل معه.. فلا يمكن أن نسكت عن العملاء، لو كانوا من المدنيين، فكيف وسعد حداد ضابط في الجيش مكلف ومشرف بحراسة الحدود من العدو الإسرائيلي وعدوانه المفتوح على لبنان.
وانتهت المكالمة ـ المشادة بدعوة أميرية الى الغداء!