لا اريد أن تبدو كلماتي معكم، هنا، أنتم الشباب، امل الغد، وكأنها رثاء للصحافة، أقله المكتوبة، واقفال لأبواب المستقبل المهني أملكم..
لكنني، بالمقابل، لا اريد أن اخادعكم فأتحدث عن مستقبل زاهر لهذه المهنة التي أعطيتها عمري متشرفاً بالانتماء اليها، عاملاً بإخلاص لحفظ كرامتها كرسالة في خدمة الناس، جميع الناس، بما استطيع جمعه من معلومات ووقائع وأخبار وتحليلات، عبر الحوار والمقابلات سواء منها الهادئة او الصاخبة..
إننا في عصر آخر، غير الذي بدأت فيه عملي في هذه المهنة، قبل “السفير” بسنوات طويلة، شهدت تنقلي بين مؤسسات صحافية عدة في لبنان، إضافة إلى تجربة أعتز بها حين أوليت المسؤولية عن اصدار اول مجلة سياسية في الكويت، كان اسمها “صوت العروبة” لم تعمر طويلاً.
أما في بيروت فقد عملت في مجلة “الحوادث” لصاحبها المرحوم سليم اللوزي مرة اولى كمتدرب، في العام 1958، ثم كمدير للتحرير في العام 1968، كذلك عملت في مجلة “الاحد” لصاحبها المرحوم رياض طه، ومن أسف أن كليهما قد اغتيل في ظروف غامضة..
وعملت ايضاً في مجلة “الصياد” لصاحبها المرحوم سعيد فريحة كرئيس لتحريرها ثم كمندوب متجول في البلاد العربية، وهي اغنى مراحل عملي. الصحافة معرفة ومعارف وثقافة وغنى بالمعلومات والبلاد وأهلها والنخب الفكرية والثقافية فيها، فضلاً عن أهل السياسة.
في 26 آذار من العام 1974 اصدرت مجموعة مميزة من زملائي وأصدقائي صحافيين ومخرجين وكتّاب ورسامين، جريدة “السفير” بشعارها الممتاز “صوت الذين لا صوت لهم”… ولأننا كنا مهنيين جيدين، مؤمنين بالناس، الشعب، الامة وقضاياها، فقد عملنا ما وسعتنا الطاقة. سهرنا الليالي الطوال، واندفعنا كفرسان اصحاب رسالة، تحملنا الصعاب والمشاق، مادية وامنية. استهدفت مكاتبنا وبيوتنا بالتفجير، واستهدف شخصي بمحاولة الاغتيال امام منزلي.. حجبتنا الرقابة مرات، وتحايلنا عليها مرات، وواجهناها بالعصيان مراراً، فأوقف اصدار “السفير”، لكننا لم نغير اسمها ولا خطها وواصلنا تأدية رسالتنا حتى اليوم الأخير من السنة الماضية وأصدرنا العدد الاخير في 2017/1/4 وبعد أربعة واربعين عاماً من الحياة في قلب الصعب..
اعترف انني اعتزّ بهذه الجامعة الفتية التي شقّت طريقها إلى النجاح واستقطاب الجيل الجديد من الطالبات والطلاب، نجاحها في استقطاب الاساتذة الاكفاء الذي يطيرون بأنبائنا إلى المستقبل الافضل.
أيها الشباب،
إن شهادتي برئيس هذه الجامعة خصوصاً وإدارتها عموماً، مجروحة، فنحن اصدقاء منذ دهر، ورفاق سلاح في ميدان النضال من اجل المستقبل الافضل لهذه الامة.
وفي حين اخرجني تراجع العمل الوطني والقومي من موقعي في “السفير” فانه لم يخرجني من إيماني بهذه الامة وبالغد الافضل لها في قلب الصعب.
وانني اذ أحيي الصديق الكبير ابا حسين، عبد الرحيم مراد، وأسرة هذه الجامعة الوليدة والتي تتقدم إلى الصف الاول بكفاءة مدرسيها والمدرسات واستعداد طلابها والطالبات لان يتصدوا لبناء الغد الافضل، فإنني اتشرف بالجلوس إلى منصتها لكي اتحدث، من القلب، إلى هذه الجمهرة من الاساتذة والطلبة متمنياً لها ولهم دوام التقدم إلى الغد الافضل.
وسأقدم بكلمة مكتوبة ثم نفتح الباب للأسئلة علني املك ما يضيء الطريق امام ابنائي وبناتي الملتقين هنا من اجل المستقبل الافضل.