شهران بلا حكومة، ولا مجلس نيابي، ولا مجلس وزراء.. الهواء نظيف، ونسائم الخريف تنعش الناس، لكن الاسعار نار! لقد ارتفع سعر كل شيء، فجأة وبلا مبرر منطقي، مرة ومرتين وثلاث مرات.. ولا من يحاسب فيرحم الناس في تكاليف حياتهم.
“الزعماء” يطلون عبر الشاشات، يتناكفون، يشتمون بعضهم بعضاً، ثم يتلاقون إلى موائد الغداء وفي السهرات المفتوحة بالرقص والطرب على الفرح.
جاء الرئيس الفرنسي ماكرون، اول مرة، استقبله الرئيس عون في المطار. جال بين الركام الذي خلفه الحريق في بيروت. التقى السياسيين جميعاً في قصر الصنوبر. احتفى بهم وسعدوا بوجوده، وتبادلوا التحيات والتمنيات.. وانصرف. ولم يحدث في بيروت شيء.
بعد شهر، أصَّر الرئيس الفرنسي الذي كان في طريقه إلى بغداد أن يتوقف في بيروت.. ولما لم يلمس أية نتائج لمبادرته، اكتفى بأن قصد إلى السيدة فيروز في حصنها الحصين، في الرابية، ثم التقى السيدة ماجدة الرومي، وتزود بما يكفي من الآهات لكي يكمل الرحلة إلى بلاد الحزن الكربلائي: العراق.
خلال هذه الفترة ثقيةل الوطأة حلقت اسعار الحاجيات الضرورية صعوداً فعجزت الطبقة المتوسطة عن الاستمرار في حياتها المرفهة واضطرت إلى شطب الكثير من الاحتياجات المكلفة حتى… يمكنها أن تعيش بمدخولها.
تم تكليف السفير مصطفى اديب بتشكيل حكومة جديدة، وداخ الدبلوماسي المهذب والكتوم وهو يدور بين الزعامات والقيادات محاولاً الوصول إلى صيغة ترضي الجميع وتسمح له بتشكيل حكومته.. ولكن ذهبت المحاولات مع الريح واضطر اديب إلى الاعتذار..
ها هو لبنان يعيش شهره الثاني بلا حكومة، والفراغ يعصف بالبلاد واسعار الحاجيات تقفز ارتفاعاً حتى يعجز الناس عن تأمين ما يلزم لإطعام اطفالهم وتلبية احتياجات كل بيت، ولو إلى حين..
أما أهل الدولة فيسافرون للتعزية بأمير الكويت، رحمه الله
.. ولا عزاء للبنانيين!