لا يقبل العرب مصر في دور “الدولة التابعة”، يستوي في ذلك المؤيدون للنظام فيها او المعترضون وصولاً إلى من يرفضونه اصلاً وتفصيلاً..
ولقد تجرع العرب في السنوات الاخيرة الكثير من المرارات وهم يرون مصر في مرتبة أدني مما يليق بها وبتاريخها ودماء شهدائها بدءاً من العدوان الثلاثي في العام 1956 مرورا بحرب 1967 التي بادرت إلى شنها قوات العدو الاسرائيلي، وانتهاء بحرب 1973 التي اوقفها قرار ظالم نتيجة صفقة عقدت في ليل مع العدو الاسرائيلي، عبر وساطة اميركية، وكان الجيش السوري شريك الجيش المصري في القرار الشجاع بشن حرب تشرين هو الضحية الاولى في حين كانت الامة جميعاً بعنوان مصر هي الضحية العظمى.
خلال الازمة التي لم يعرف المواطن العربي العادي، اقله حتى اللحظة، اسبابها الحقيقية، تفجرت الحرب ضارية من جانب السعودية ومعها دولة الامارات ومملكة البحرين العظمى، ضد قطر وبلغت ذرى من العداء غير مسبوقة..
وبغض النظر عن رأي المواطن العادي في سياسات امارة قطر التي تتجاوز امكاناتها ـ مهما بلغت ـ، وحجمها، مهما نفخت ذاتها، فقد فوجئ هذا المواطن بانحياز مصر إلى معسكر السعودية ومن معها..
وبغض النظر عن الجموح القطري الذي دفعها إلى التطلع إلى موقع “القيادة” في الصف العربي، وهو ما يتجاوز امكاناتها بالغة ما بلغت غزارة انتاجها من الغاز، فان المواطن العربي قد اوجعه “التحاق” القيادة المصرية بصفوف جماعة السعودية..
ومع وعي المواطن العربي باحتياجات مصر التي تفوق طاقتها، فهو يعرف تمام المعرفة أن محافظتها على موقعها القيادي تأتيها بأكثر مما تحصل عليه من موقع الملتحق..
ولا يقبل المواطن العربي لمصر أن يذهب رئيسها الى المطار لاستقبال هذا الشيخ او ذاك من شيوخ الخليج، مهما كان موقعه او الرأي فيه.. فالمسألة هنا تتصل بقيمة مصر كأكبر دولة عربية، دولة المائة مليون مواطن، حتى لو كانوا فقراء… فليس بالذهب وحده يحيا الانسان!
ثم أن الدروس قد علمتنا أن تنازل “الكبير” امام “الصغير” يصغر الكبير من دون أن يكّبر الصغير..
وليس بالذهب وحده يحيا الانسان..
ومن تصاغر امام الصغير لن يكّبر الصغير ولكنه سيهين بلاده العظيمة التي تأكل من ثدييها ولا تمد يدها..