حياتنا هي القاسية، لا المسرحية، وكل ما فعله فاضل الجعايبي، انه غرس سكينه، في جراحنا المفتوحة فاستخرج القيء وصرخات الألم، الغرائز والشهوات والأحقاد والمشاعر الرقيقة التي تفتقد الهواء النقي فتذبل وتتهاوى أمامنا على خشبة المسرح أحلاماً موؤودة.
ومسرحية ”عشاق المقهى المهجور” مليئة بالقسوة كنشرة الأخبار الفعلية لا الرسمية. إنها وقائع يومية من كتاب الهزيمة المفتوح بعد على الأفظع والأمر والأدهى.
إنها تصرخ وتصرخ بلا انقطاع، تصرخ بأصوات الممثلين والممثلات. تصرخ بحركتهم، تصرخ بصفارات القطارات وهديرها التي يرج ولا يغير. تصرخ بالإضاءة وعيون الجمهور المفتوحة.
وينتقل الوجع من الممثلين إلى الجمهور ثم يرتد إليهم، ثم يأخذ الجميع إليه فإذا الكل داخل الوجع، لا أحد يستطيع أن ينزعه عنه أو ينتزع نفسه منه، ولا أحد يستطيع أن يدعي أنه لغيره وأنه قد رماه به ليبتليه.
بالفرنسية ينطق الوجع العربي في تونس، لكن الحرف الاجنبي يتهاوى أمام صراحة الفجيعة، فإذا هو مفهوم لمن لم يقرأ إلا في كتاب خيباته الشخصية والوطنية والقومية.
وبعض الوجع التونسي، في اي حال، مصدره اللغة.