من محاسن الصدف أن يتزامن انعقاد القمم الثلاث: الاميركية ـ السعودية، والاميركية ـ الخليجية، والاميركية ـ الاسلامية (والعرب فيهما).. وجميعها في الرياض، وخلال يوم ونصف اليوم لا اكثر، مع الذكرى التاسعة والاربعين للنكبة العربية في فلسطين، واقامة الدولة الاسرائيلية بالقوة التي شارك في توفيرها العالم بشرقه وغربه.
لن يسمح ضيق الوقت وضيق الافق السياسي العربي وضيق الصدر الاميركي باستعادة ذكرى “النكبة” بكل ما جرى خلالها وعبرها من “جريمة دولية موصوفة”، تواطؤ فيها معظم اهل النظام العربي مع القوى الدولية على تشريد الشعب الفلسطيني من وطنه الذي كان دائماً وطنه تمهيداً لإقامة الكيان الصهيوني على حساب اهل الارض وتاريخها.
لكن ضيق الوقت سيسمح بتمرير مؤامرة جديدة على هذه القضية المقدسة بحضور “ولي الامر” الاميركي، وهو “سيد” المؤتمرين جميعاً، خصوصاً وان مؤتمرات القمة العربية، والأخيرة منها على وجه التحديد، قد مهدت للتفريط بما كان تبقى من قدسية لقضية العرب الأولى، كما كان يقال في قديم الزمان وسابق العصر والأوان.
ومن اسف فان “المؤامرة الجديدة” ستمر بأسهل مما مرت المؤامرات السابقة على القضية المقدسة، لان “العرب” ممزقون بالحروب المصنعة (كما في سوريا والعراق) او بالحروب المخطط لها بقصد مقصود (كما في اليمن) او بحروب الفراغ وافتقاد القيادة (كما في ليبيا..)
بالمقابل فان القيادة الرسمية للعمل الوطني الفلسطيني قد اندمجت في “النظام العربي”، بل انها قد اتقنت لعبة “المناقصة” في وجه “المزايدين” من القادة العرب، خصوصاً وأنها قد وجدت في اكثريتهم من “المناقصين” ـ على حساب فلسطين ـ الدعم والعون.
الطريف أن الرئيس الاميركي سيلتقي في هذه القمة، المدبر امر انعقادها وتوقيتها في ليل، معظم من التقاهم في البيت الابيض بواشنطن، قبل اسابيع قليلة، بمن فيهم رئيس السلطة الفلسطينية، وبعض الملوك والرؤساء وأولياء العهد من الامراء العرب المميزين (الامير محمد بن سلمان، والشيخ محمد بن زايد) .. وهو قد سمع منهم ما طمأنه إلى نجاح هذه القمم المتعاقبة التي سيعقدها معهم بعناوين كثيرة وان كان موضوعها الاصلي “أمن اسرائيل” وانهاء القضية الفلسطينية بتواقيع القادة العرب ملوكاً ورؤساء واولياء عهود.. وقد اضيف إليهم في اللحظة الاخيرة رئيس حكومة لبنان سعد الحريري ووزير الخارجية جبران باسل (ربما لنفي الطابع الطائفي عن هذه القمة)..
هو فصل جديد من فصول النكبة الفلسطينية ـ العربية ـ الانسانية تكتبه قمة استثنائية بأقلام من لم يعرفوا الكتابة ولا هم أحسنوا قراءة التاريخ، وقد يكون الرئيس الاميركي، الارتجالي ـ المزواج ـ المضارب في البورصة، هو النموذج الممتاز لجميعهم.
لكن المجاهدين من المقاومين الصابرين الذين اضافوا إلى اسلحة المقاومة الاضراب عن الطعام وهم في سجون المحتل منذ شهر تقريباً، سيقدمون الجواب الصحيح على المؤامرة الجديدة التي تُحبك في بلاد الصمت والذهب عبر قمة لأهل العروش تحت رئاسة من يرونه سيد الدنيا وصاحب الامر عليهم: الرئيس الاميركي.
.. ويا فلسطين جينالك.. جينا وجينا جينالك
جينالك لنشيل احمالك..
ينشر بالتزامن مع السفير العربي