غزة ـ حلمي موسى
…الليلة الاولى في رفح.
كان نهار أمس هادئا بمعايير كثيرة. ولكن ما أن اقترب المساء حتى نفذت الغارة الأولى. كانت قوية بمعايير خانيونس واهتزت الجدران والأرض. قال الموجودون في رفح انه القصف الأكثر شدّة الذي يسمعونه منذ أن أتوا الى المنطقة قبلنا بأيام. تبعتها غارة أخرى ثم تعددت الغارات في الليل. وذلك كلّه في وسط رفح وغربيها. ونحن في منطقة لا تبعد سوى عشرات الامتار عن الحدود المصرية.
أما شرقي رفح فحدث ولا حرج. طوال الليل تسمع دوي قذائف المدفعية. وفي غربها، تسمع بين حين وآخر قذائف البحرية. ومع ذلك، يبقى الوضع لا يقارن بما يحصل في خانيونس، وطبعا لا يقارن بما مازال يحصل في غزة وشماليها، حيث الاشتباكات المباشرة وقصف الدبابات والمدافع والبحرية لا تتوقف، فضلا عن الغارات الجوية.
ولا يبدو أن هناك أي تغيير إن في إداء الاحتلال ووحشيته، أو في صمود المقاومة واستمرارها. ولا يبدو ان الضغط الدولي أتى بثماره او سيأتيها قريبا. وما يسعف النفس قليلا استمرار اعلان الاسرائيليين عن خسائرهم المتزايدة في الارواح وقناعة الفلسطينيين بأن أعداد القتلى في صفوفهم هي أكبر مما يعلنون.
ومن الطبيعي ان يقوم البعض احيانا بمقارنات في ميزان الدم والدمار بين ما يحدث عندنا وما يحدث عندهم، من دون الانتباه الى أن هذا الميزان نسبي، ويستند أيضا الى مبادئ معنوية.
إلّا أنّ أكثر ما يؤلم الناس وتسمعه في معاناتهم فهو الإحساس بفقدان ما يمكن تسميته التضامن العربي، لاسيما حين يجرون أحيانا مقارنات بين مواقف دول اجنبية وأخرى عربية. أمّا الأمل، فيبقى بأن الصمود سيوصل الناس في النهاية الى جزء من حقوقهم وسيجعل مستقبلهم أفضل من ماض عاشوه. وعندما تصبح الحرب جزء من الماضي، سيتذكر الناس كل ما شهدوه وربما لن ينسون المفاصل والمواقف الأساسية.
مازلنا احياء وما زلنا نتمسك بان تبقى عقولنا في رؤوسنا.