احذروا الفراغ!
الفراغ يوقع البلد في المجهول!
الفراغ مصدر لزعزعة الاستقرار في لبنان!
استقال رئيس الحكومة تاركاً خلفه فراغاً،
فدخلنا في فراغ “حكومي”.
كل ما كانت ستحققه الحكومة المقالة من “إنجازات” بات اليوم في مهب ذلك الفراغ،
ورحلة اللا قرار والحفاظ على ستاتيكو واصطفافات الأضداد داخل الحكومة فلم تملأ يوماً هذا الفراغ،
أما مناكفات الوزراء في تعطيل قرارات تلك الحكومة على امتداد عمرها فكانت بدورها مصدراً غير حميد للفراغ،
وكالعادة تملأ حكومة تصريف الأعمال الفراغ الدستوري حتى إشعار آخر،
لأن الكلام الفارغ في الاستشارات والتكليف والتأليف سيستمر طويلاً،
حتى تولد حكومة فارغة المضمون لأن مرتكزها هو توزيع الحصص فيها وليس خطة عملها لإنقاذ البلاد من خراب الحكومات السابقة.
أما مجلس النواب فقاعاته فارغة في هذه المرحلة ولا تعقد فيها الجلسات،
بعد أن فرغت اللجان من مناقشة مشاريع القوانين العديدة التي لا يقرها المجلس.
والفراغ الذي قد تولده انتخابات جديدة يمكن أن يشكل تهديداً للسلم الأهلي،
لأن الطبقة السياسية ستتفرغ على الأرجح من بعدها عن بعض مقاعدها في المجلس النيابي لصالح نواب جدد لا ينتمون إليها،
وهذا أمر مفروغ منه لأن هذه الطبقة متمسكة بالسلطة والتمثيل المطلق في الحكم.
عاش لبنان سنوات عديدة ومتتالية من الفراغ في ظل اختلاف الفرقاء السياسيين على اختيار رئيس للجمهورية تارة، أو تشكيل حكومة طوراً، أو التمديد لمجلس النواب تارة أخرى،
وأثبتت على امتدادها الطبقة السياسية عن استهتار في تحمل مسؤولياتها مما يقزز النفس ويدعو إلى الاستفراغ.
وفي مختلف الحقبات السابقة بقي الناس في منازلهم وبقي الشارع فارغاً من مطالباتهم،
فراوغهم أهل السياسة ولم يقدموا لهم سوى وعود كاذبة واستهتار ومزيد من الإهانة في كرامة عيشهم،
كما أفرغوا الحياة السياسية من مضمونها فبات الصراع إما طائفياً أو مذهبياً عشائرياً لا يخدم سوى مصالح زعماء السلطة وأزلامهم،
وباتت سللهم فارغة من الحلول ومن ثقة الناس بقدرتهم على ابتداعها وإنجازها.
ليس ثمة من يملأ الفراغ اليوم سوى مجموعات من الفتية الشجعان القابعين في العراء، يجولون الشوارع نهاراً ويفترشون الأرض ليلاً، مطالبين بحق اللبنانيين بأن يكون لهم وطن يرعاهم،
يذكروننا في كل لحظة بأن طلب التغيير لم يعد رغبة، بل بات ضرورة حتى لا يفرغ لبنان قريباً من أبنائه كافة.