على هامش “مؤتمر الوفاق الوطني” الذي انعقد في لوزان، بسويسرا، بعدما عقدت جلسته الأولى في جنيف، كترجمة لما كان تقرر ـ مبدئياً ـ في الطائف بالسعودية، طُرحت قضية قيادة الجيش.. وتم “التوافق” على استبدال العماد ابراهيم طنوس بالعماد ميشال عون.
عند العودة إلى بيروت اتصلت بقيادة الجيش طالباً موعداً للقاء العماد طنوس.. فتم تحديده، وذهبت إلى الموعد متهيباً، فلست احمل اخباراً سارة، ثم انني لا اعرف ردة الفعل التي ستحكم الحديث عن القرار المتخذ.
فضلت الدخول إلى الموضوع مباشرة، فقلت: كنت مع من كان من الصحافيين، يا حضرة الجنرال، بين الشهود في مؤتمر لوزان.. وقد علمنا انه قد تقرر اعفاءك من منصبك وتعيين الجنرال عون خلفاً لك..
قام الجنرال متجهاً إلى النافذة الواسعة بمدى الجدار، والتي تطل منها على بيروت وبعض كسروان المتن، فوقف لدقائق قليلة، ثم عاد إلى مكانه في مواجهتي وقد اربد وجهه..
بعد لحظات، انطلق يتحدث بألم عميق:
ـ معهم حق يخلعوني. انا جبان. انا رعديد. انا خسرت حرب الجبل.. وميشال عون بطل الابطال.
صمت لحظات ثم استطرد قائلاً:
ـ مشكلتي ليست مع المؤتمر ومن فيه. مشكلتي مع هذا الخسيس (…) امين الجميل! من أفقدني عيني في معركة عينطوره؟! انه هو! لذلك طلبت منه حين حانت معركة شكا أن يبقى في انطلياس مكتفياً بشرف اعداد السندويشات للجنود!
لمعت دمعة في عينه قبل أن يضيف قائلاً بحرقة:
ـ حرب الجبل يا استاذ خسرتها، نعم خسرتها، ولكن من يعرف أن اربعمائة مدفع سوري كانت تدك مواقعنا وتعطل تقدمنا، وان كل فصائل الشراويل المجوقلة والحركة الوطنية والمقاومة الفلسطينية كانت تشارك في القتال ضدنا!
صمت “الجنرال المقال” للحظات، ثم اضاف فقال:
ـ فأما عن معركة سوق الغرب، فإن بطلها الحقيقي هو الضابط الشجاع وليد سكرية، في حين كان الجنرال عون بعيداً عن ميدانها..
صمت، مجدداً، لبعض الوقت، وحين عاد إلى الكلام، التمعت دمعتان في عينيه قبل أن يختم قائلاً:
ـ في أي حال فإن ضميري مرتاح لأنني اديت واجبي على أكمل وجه… وشكراً لهؤلاء القادة العظام والعباقرة الذين اقالوني واختاروا لخلافتي من هو اكفأ وأجدر بالقيادة مني.. شكراً أنك سعيت إلى معرفة الحقيقة، ولست معنياً بالنشر، لكن من حق الناس أن يعرفوا، واتمنى النجاح للقائد الجديد مدركاً أن احداً لن يعوض عليّ عيني التي فقدتها بسبب “الشريف امين الجميل” “رعاه الله وحماه”. فما يهمني هو لبنان، وانا مؤمن انني اعطيته كل ما املك من كفاءة وجهد!