…فأما مصر فكان منطق رئيسها الراحل انور السادات انها قاتلت العدو الاسرائيلي بدل المرة مرات، وانه كان لا بد من التوقف عن الحرب والاعتراف بالأمر الواقع..
وهكذا اندفع طائراً إلى تل ابيب، ووقف خطيباً امام الكنيست داعياً إلى انهاء الحروب والاندفاع نحو السلام والتنمية طلباً لرخاء الشعوب واستقرار الدول في ظل السلام!
وكما كان متوقعاً، فبعد وقت غير طويل، اندفع بعض الشباب الوطني نحو “المنصة” حيث كان السادات يستعرض بعض وحدات الجيش في ذكرى “نصر اكتوبر”، وأطلقوا عليه النار فسقط ارضاً، ثم مات قتيلاً وفر من فر ممن نفذوا عملية الاغتيال بقيادة الملازم أول خالد الإسلامبولي الذي حُكم عليه بالإعدام رمياً بالرصاص لاحقاً في نيسان/أبريل 1982.
واما سوريا فقد رفض رئيسها الراحل حافظ الاسد الصلح مع العدو الاسرائيلي حتى عندما جاءه الرئيس الاميركي السابق نيكسون بصحبة وزير خارجيته هنري كيسنجر.. بل أن الرئيس الاميركي نبه الرئيس الاسد حين اختلى به في غرفة جانبية: انتبه منه! انه يهودي!
على أن أهل الخليج العربي لم يفيدوا ولم يتعظوا من هاتين التجربتين: اغتيال الرئيس الذي كان اول من اعترف بدولة العدو الاسرائيلي والتنبيه الثاني من تأثير الصهيونية خصوصاً على قرارات الادارة الاميركية بشخص “السيد الرئيس”…
…وهكذا كانت قطر اول دولة في الخليج العربي تندفع إلى الصلح مع العدو الاسرائيلي وبذريعة “ما لنا قدرة اسرائيل… ثم اننا نخاف من ايران”! فأوفد الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني وزير خارجيته الشيخ حمد بن جاسم إلى واشنطن حيث التقى وزيرة خارجية الولايات المتحدة الاميركية مادلين اولبريت التي جمعته برئيس حكومة العدو الاسرائيلي شيمون بيريز… وتبادلت “قطر العظمى” السفراء مع دولة العدو الاسرائيلي، بل أن الشيخ حمد اوفد وزير التربية في وزارته حمد الكواري إلى تل ابيب تثبتاً لهذه الظروف المستجدة والطارئة مع دولة “العدو- سابقا- اسرائيل”!
مؤخراً استدركت الموقف دولة الامارات العربية المتحدة ومعها دولة البحرين فبعثتا بوزيري الخارجية فيهما إلى واشنطن حيث استقبلهما الرئيس الاميركي ترامب واجلسهما مع رئيس حكومة العدو الاسرائيلي نتنياهو على إحدى شرفات البيت الابيض، وطلب اليهما أن يوقعا فوقعا، بحماسة ملفتة، صك الاعتراف بإسرائيل..
.. وواضح أن الرئيس الاميركي اراد من هذه “المشهدية” أن يزيد من حظوظه، وان يؤكد للناخبين في الولايات المتحدة الاميركية عشية الانتخابات الرئاسية، التي يتبدى أن الفوز فيها أقرب إلى منافسه بايدن الذي يدعمه الرئيس السابق والمميز اوباما، ليس فقط بلون بشرته بل بهدوئه واتزانه، وهو قد تولى الرئاسة من قبل وتم التجديد له بولاية ثانية ( مدة 8 سنوات 2009-2017) واحتل خلالها بايدن موقع نائب الرئيس.
هذا فيما يخص الولايات المتحدة والمعارك على الرئاسة فيها…
أما العرب فأمرهم مختلف.. فهم لم يعرفوا الديمقراطية، حقيقة حتى الساعة، والمُلك للأقوى، والرئاسة لأسرع دبابة يركبها ضابط طامح إلى السلطة، ومن خلفه صحبه المؤيدون..
اما في لبنان فالحكم غالباً للأقوى في قلب طائفته، وليس للأكثر قدرة والاوسع علماً والأبلغ في الخطابة.. وغالبا ما يصطرع “الاقوياء” ويتنازعون، وتختلف “الدول”، ويتعدد مرشحو أنفسهم، فتكون النتيجة وصول الاضعف والبلا لون سياسي محدد: ميشال سليمان – مثلاً!
في أي حال، وعلى حد ما يقول اهل الجبل: “ما بقاش بدها.. قومو تنهني!”
ومع الخشية من النزعة الامبريالية المتفاقمة عند الادارة الاميركية والضعف المتمادي عند القادة العرب ملوكاً ورؤساء، فحالنا ستبقى على ما هي عليه حتى نغير ما بأنفسنا.. اللهم الا اذا حفرنا في الارض لننحدر إلى تحت ثم إلى ما تحت التحت!
ينشر بالتزامن مع موقع السفير العربي