لا يقل حزن أهل طرابلس الفيحاء والميناء عن حزن منيارة ومختلف أرجاء الشمال، في وداع »الحكيم« رياض الصراف، الذي فقده لبنان وشارك كثير من محبيه ومقدري إنسانيته في تشييعه الى مثواه الأخير يوم أمس الأول، في مسقط رأسه في عكار.
لقد أعطى هذا الإنساني الكبير عصارة علمه وسهر عينيه لأهله في الشمال عموما، وبقي حين ادلهمت الخطوب وعصفت رياح الحرب بالأخوة فكادت تجعلهم أعداء، يرعى المرضى ثم الجرحى الذين تزايد سقوطهم بقدر ما تناقص عدد الأطباء المعالجين… ولم تكن طرفة أو مجرد لمسة تودد أن يقال إن »الطبيب النصراني« ابن عكار قد أنقذ »المستشفى الإسلامي« ومئات الجرحى الذين سقطوا في »حروب المسلمين«، أيام التصادم بين فصائل الأحزاب العلمانية وبعض الجماعات والحركات الإسلامية.
أما في المجلس النيابي فقد حاول هذا الطبيب الآتي من قلب معاناة البسطاء في »الملحقات« المجهولة، أن ينفخ في التشريعات الجامدة روحا فتستذكر أولئك المسقطين من الذاكرة الرسمية، وتلحظ وجودهم متى احتاجوا الى رعاية دولتهم التي غالبا ما أنكرتهم.
لقد رحل ابن عكار البار، »الآدمي«، الطيب، المخلص، الذي لم يعرف في حياته الزور والتزوير، ولا احترف السياسة بمعناها المبتذل وطقوسها الرائجة القائمة على المخادعة والمخاتلة وحسن »تدبير الحال«.
وبالتأكيد فإن »الناس« قد خسروا صديقا كبيرا ومرجعا بقلب طفل، طالما عالج آلامهم وطالما عزز آمالهم بإمكان التغيير.
رحم الله الدكتور رياض صراف.
بحث
Subscribe to Updates
Get the latest creative news from FooBar about art, design and business.
المقالات ذات الصلة
© 2024 جميع الحقوق محفوظة – طلال سلمان