ما طرق صحافي ناشئ بابه، ولم يفتح له. ما جاء مثقّف مهموم بنَصّ أو مقال، إلّا وسهّل له الدرب. ما جاء مخرج لمسرحيّة أو لعمل فنيّ طالبًا الترويج، إلّا وتبنّاه. ما جاء ناشط حاملًا قضيّة خصوصًا إذا كانت من أجل فلسطين، أو من أجل لبنان، من أجل الناس في عكار أو طرابلس أو البقاع أو صيدا والجنوب، إلّا ورفع قضيّته.
لم يكن طلال سلمان ناشرًا لصحيفة فقط وحاملًا للأفكار، كان صانعًا للأحلام أيضًا. مئات، إن لم يكن آلاف الأقلام، وجدت زوايا لحروفها على “السفير” التي جعلها أكبر من صحيفة، وأكبر من حزب.
“الأستاذ”، في الذكرى السنويّة الأولى لرحيله، لم يكن صحافيًّا فقط. إن كتب أحدهم نصًّا عن القاهرة، نبّهه إلى غياب روح المدينة عن نصّه. إن كتب أحدهم عن دمشق، ذكّره بألّا يتجاهل مجدها وسحرها. وإن كتب أحدهم عن النضال، من الفيتكونغ الفيتنامي، إلى سهول مرجعيون والخيام وجبال أطلس في المغرب، حرص أن يكون النص أمينًا على تضحياتهم، بلا إفراط في المبالغات، وإنّما بأمانة الحريص.
ليست شهادة عادية تلك أن يقول له “سيد المقاومة” أنّنا تربّينا على روح المقاومة التي أشاعتها “السفير” منذ السبعينيّات إلى أن أغلقت في نهاية العام 2016.
ليس تفصيلًا أن يقول “مقاوم من الرعيل الأوّل” أنّنا كنّا نهرّب “السفير” مثلما كنّا نهرّب السلاح نحو الجنوب.
ليس عاديًّا أن “تواجه” في العام 1969، “العقيد الركن” صدّام حسين، فتُخرج من سجونه محكومين بالإعدام.
ليس خبرًا عاديًّا أن يعلن مفجّر الثورة الإيرانيّة، السيد خامنئي، لطلال سلمان، انتقال إيران من الفلك الصهيوني-الغربي لاحتضان فلسطين بالكامل.
ليس طلال سلمان ذلك الذي يتقيّد بخلافات الرأي السياسي. في “مجلس التحرير” يتعالى ليكون مدافعًا عن العواصم وأهلها الذين يحبّهم في: بيروت، القاهرة، دمشق، بغداد، صنعاء، الخرطوم….. أو أن يلغي إعلًانا مدفوعا بحجم كبير، لأنّه وجد فيه ترويجًا لدم عربي مسفوك.
لم يكن “الأستاذ” مؤدلجًا، وإن ظلّ وفيًّا لهواه الناصري، وفتح الأبواب لأجيال متعاقبة من الكتّاب والصحافيين من مختلف المشارب، لكي يطرحوا هم أحلامهم. خطّه الأحمر الوحيد لم يكن سوى….”فلسطين”.