في بلاد الناس تجمع الحروب او المعارك ضد العدو الواحد الاطياف السياسية جميعاً.. الا في لبنان، حيث يعامل “العدو” بحسب جنسيته، والا فبحسب دينه او مذهبه..
وهكذا ينقسم اللبنانيون، غالباً، حول “العدو” حتى لو كان اسرائيل..
وفي معركة الجرود والانتصار الباهر الذي تحقق بطرد عصابات “داعش” من الجرود، اللبنانية والسورية، واجلائها إلى ابعد نقطة عن لبنان، عند الحدود السورية ـ العراقية، عاش المسؤولون اللبنانيون حالة انكار فريدة من نوعها في التاريخ:
أولاً: أسقطوا ذكر مجاهدي “حزب الله” الذين باشروا المعركة في جرود عرسال حتى حسموها بتطهيرها من عصابات “النصرة”.
وقد دفعوا الثمن دماء طاهرة أغفلت الدولة ذكرها.
ثانياً: تجاهلوا أي دور للجيش السوري الذي كان شريكاً في الحرب، وقد قاتل جنوده ببسالة مع مجاهدي “حزب الله” حتى اجبروا “الدواعش” على الاستسلام، والارشاد إلى مواقع دفن الشهداء من الجنود اللبنانيين الذين كانوا قد اختطفوهم ـ بلا حرب ـ قبل ثلاث سنوات او اكثر.. ومن ثم المغادرة إلى أقصى نقطة بعدا عن لبنان، على الحدود السورية ـ العراقية.
ثالثا: وهكذا تسببت الدولة، عبر انكار كبار مسؤوليها حقائق الميدان، في زيادة الانقسام بين اللبنانيين، ثم بين اللبنانيين والسوريين، بغير موجب، اللهم الا الخوف من الطائفيين والمذهبيين.
كيف تكون دولة وذات سيادة واستقلال، هذه التي يخاف مسؤولوها من قول الحقيقة خوفاً من الكيانيين والطائفيين، ويزورون وقائع الحرب التي انتهت بنصر مؤزر دفع ثمنه ـ بالدم ـ عشرات من المجاهدين، قبل العسكريين ومعهم..
ثم أن هذا النصر ما كان ليتم لولا هذه الدماء، ثم التعاون الأخوي الذي قدمه الجيش السوري الذي قدم بدوره الشهداء؟
حتى مع النصر نخاف من الحقيقة؟
ولكن الخوف يستولد الفتنة…والفتنة مؤهلة لالتهام النصر!