عادت الحياة إلى بيروت، وتدفق الناس إلى الشوارع “يتعرفون” إلى مدينتهم من جديد.
السيارات قليلة، وركابها يحملقون في ركاب السيارة الأخرى، ويستمدون منهم الشجاعة، كما يمدونهم بها، ثم يكملون السير وعيونهم تستكشف ما طرأ من تغييرات على الشوارع ـ ومكاتب المصارف فيها التي رأى فيها المتظاهرون اهم اسباب الضيق التي تخنق اللبنانيين وتنذرهم بموجات فقر قادم.
شرطي السير كاد ينسى أسماء الشوارع، لكنه يريد صيداً عبر مخالفات مفرد ـ مزدوج في لوحات السيارات التي تعبر بقربه.
للمدينة رائحة.. لكنها مفتقدة الآن، فالعابرون قلة، يمرون بسرعة، خوفا من شبح فيروس كورونا.
مجلس النواب المحصن بالأسلاك الشائكة لحماية الديمقراطية، مفرغ من اهله لكن اسراب الحمام تملأ بهمهماتها الساحة ذات النصب التذكاري.. للديمقراطية. انها، الآن تنوب، مضطرة عن النواب، لكن تغريداتها اجمل بما لا يقاس من النشاز في اصوات “ممثلي الامة”.
و”ممثلو الامة” في اجازة مفتوحة، بعدما سقطوا او أُسقطوا في امتحان الجدارة ليكونوا شركاء للوزيرات الفاتنات في الحكومة الاستثنائية والمختلفة شكلاً وموضوعاً عن سابقاتها التي كان يغطي اسم جبران باسيل على اسم رئيسها وسائر الوزراء.
من يدري.. لعل هذه الحكومة تنجز ما قصَّرت او عجزت عن انجازه سائر الحكومات الحريرية والميقاتية والسلامية.. فهي ليست مثقلة بالأغراض والامراض كالمطالب الخاصة والتنفيعات على طريقة “شيلني واشيلك انا برضه فرحت لك”.
ولسوف تكون هذه الحكومة شهادة جدارة للنساء الجميلات اللواتي يعرفن عن الرجال اكثر بكثير مما يعرف الرجال عن النساء.. فكيف إذا كنَّ من سلالة شهرزاد وحكاياتها التي اسقطت ملوكاً وسلاطين قبل أن تصل إلى الخاتمة!