من هم البرابرة؟ هل تعرفت على الإرهابيين؟ هل أحصيت الدم المسفوك؟ الشعوب ممنوعة من الوجود والحرية. كي تكون لائقاً بعصر الإبادات، عليك أن تمشي على جبهتك. أن تتلو في سرّك: “إنّا إليه راجعون”. اعتقل قدميك كي لا تصل إلى الهاوية.
لا مبالغة في ما جاء أعلاه. نحن في عصر التوحش وأزمنة البربرية؛ وعليه، الإنسانية ممنوعة من الوجود. حالة يُتم إنساني. لذا، إياك أن تسأل أين الجحيم. نحنُ في هذا الجحيم من أزمنة.. والمستقبل مطوَّب للظلم والقتل والإبادة.
ثم؛ إياك أن تلجأ إلى الله. الرأسمال أقوى من كل الآلهة. قيل في الإنجيل: “لا تعبدوا ربّين الله والمال”. مسكين. الله ضعيف جداً. لا إله يتفوق على الرأسمال.
أين المستقبل؟ لماذا تسأل؟ اعتنِ بحاضرك كي لا تصاب بكوابيس المستقبل.
حتى الآن التفوق للنووي. التأله معقود للرأسمالية. الأخلاق: يا حرام. أين أنت. الأديان: هذا تكرار مصاب بالهذيان… ثم، حاول ألا تحلم بغد مشرق، ثم لا تصدق أحلامك أبداً. لن تتغير الحياة البشرية، على تعدد مراثيها العنصرية والدينية والـ… لن نصل إلى سلام نسبي… لا تتفاءل بمستقبل ضئيل أبداً… لقد بدأت طلائع الانتحار السياسي والثقافي والأخلاقي. وبرغم كل ذلك هناك أمل. العذاب متواصل، إنما، ستفوز الإنسانية بإنسانيتها.
جغرافية العالم تتغير. بل تتقلب. أو تنقلب. التغيير لن يتم بالإقناع والتفكير. هناك سيد واحد أحد، يعلن بفظاظة: “الأمر لي”. من يعترض؟ من ينجح؟ من يقدم بديلاً؟ لا أحد. العالم يتعرف على نمط جديد من الوجود.
لم تعد الحروب كافية. يلزم إخضاع البشرية. التهديد بإصبع العقوبات. برهبة التنفيذ. بتعميم الفوضى والانصياع الدولي لسيد واحد أحد صاحب مبدأ همجي: الأمر لي وحدي. على أن ذلك لا يمنع الحروب الدموية السائدة على أربعة أخماس الكرة الأرضية، الحرب هي الدين السياسي للشعوب. التسلح يتقدم على الرغيف والدواء والحياة. قايين الأزمنة سائد: قاتل كي تبقى على قيد اللقمة. الدولة؟ يا حرام. لقد نزعت عنها ثيابها حتى بانت عوراتها. تريد حصة ضئيلة من وليمة العداء والحروب والتهديد.
نظرة سريعة أو إقامة أمام نشرات الأخبار المحلية والغربية. فوراً تتساءل: هل من مزيد؟ هذه الحروب السائدة هي غذاؤنا السياسي. هذه المذبحة موزعة على كل الكرة الأرضية، بجدارة الآلام والموت والقتل و… الإبادات.
هل نسمي؟ نبدأ “بالوطن العربي”.
مع الاعتذار الشديد من استعمال عبارة “الوطن العربي”، لأن العرب منذ قرون، لم يفوزوا بدولة. منحوا الفتات. كيانات ناقصة. معطوبة. مقيدة. مجرورة. معاقبة. مذلولة. إلى آخر ضرورات البقاء، بمزيد من السقوط…
تحوّلت الحياة في أنظمة الدول العربية إلى “بلاستيك”. لا شيء جدياً. حتى الأموال المتدفقة، لا تروي ظمأ الفقراء، أطفالاً ونساءً ورجالاً. القارة العربية غنية، ومصابة بعدد ملاييني للفقراء والجائعين والمرضى.
ماذا تنقل وسائل التواصل: التلفزيون مثلاً، بالصوت والصورة؟ إنها تتقدم باتجاه همجية حديثة. الاستعمار الغربي برهن على تفوقه بالهمجية. إبادات في القارة الأميركية. إبادة جنس بشري، ومن بقي منه، صار فرجة لإنسان لم يعد موجوداً… الغرب أباد ثم أباد، ثم اتهم المستعمرات بأنها متوحشة. التوحش الأميركي لا يقارب. تصوروا، أن الحرب كانت على نهايتها. ومع ذلك، عمَّدت البشرية بقنبلتين ذريتين على هيروشيما ونكازاكي… ثم: الأمر لي يا امبراطور اليابان اليتيم. الجزائر، تعرضت لحرائق قبائل. عنصرية غير مسبوقة. أظن أن المسيح هجر القارة التي تبنت حربين عالميتين، بمئات ملايين القتلى. لدينا ذاكرة قرصان غربي سفاح.
ماذا يجري اليوم؟
نموذج مصغر للعنف الغربي، مقتلة غزة. لا داعي لتكرار المأساة والفاجعة. الغرب كله مشارك في المذبحة. يغسل يديه ويصافح قتلة الأطفال، بالأحضان.
“تفو” على عالم مصاب بلوثة: الإجرام حق للغرب على دول الشرق. يا حرام. الصين أخضعت، أذلت، نهبت. الهند، امتلكتها بريطانيا، اسألوا المهاتما غاندي عن السرقات والمجازر. فلسطين، ذبيحة القرن العشرين منذ مئة عام. والعالم الذي يدعم، غريب. النووي ممنوع، إلا على إسرائيل. بعد إعلانها كدولة، امتلكت القنبلة الذرية.
لا أعرف لماذا عندما أنظر إلى جبهة رجالات الغرب السياسيين، يحرضني حذائي كي أطلق سراحه، ويمضي كي يلبط هؤلاء القادة على جباههم.
حلم هذا، ذات غضب وألم وجراح في الروح.
“الأوطان” العربية مصابة بخوف حقيقي. ترامب يأمر وعليك أن تنفذ. غزة غير ضرورية. وزعوها… صدقوا هذا الجنون. لاحظوا، لم يقف أحد غاضباً. خافوا. دينهم: الجبن…
“إسرائيل” مثلاً تدمر غزة. هي الآن تدمر الضفة. هي أبادت الحياة في معظم جنوب لبنان. إنها تشارك في قصف سوريا. تحتل أراضٍ على مرأى من عرب عراة من كل قيمة. سوريا على حافة التفلت والتفتت. لبنان، خلص من زمان. القول المأثور مريع: حليفك عدوي. وحليفي عدوك. إسرائيل منتشرة في مفاصل القرارات العربية. لبنان، لا يشذ عن القاعدة. إنما، هناك “ميزة” فذة. حلفاء “إسرائيل” في الداخل، في حالة انتعاش ونقاش من فوق. لا خجل أبداً. هذه فئة تقايض “إسرائيل بإيران”، عدوان يمرحان في “السياسة” اللبنانية.
ماذا بعد؟
دخلنا راهناً، أزمنة جديدة. كل الطموحات باتت نثار خشب أو مجرد خردة. المقاومة؟ يا حرام. سوريا؟ إلى أين ومع مَن وضد مَن؟ العراق، ينزع عنه ثياب القتل من بعيد. دول الخليج محطات استراحة للمحاربين، لا أكثر ولا أقل. ناقلوا رسائل وإملاءات. السودان، ما تبقى منه معرض للتذابح. إلى آخر تعداد للمقصلة المتنقلة.
أخيراً…
لا يجوز استعمال هذه الكلمة.
ما زلنا في بداية المأساة الكبرى.
لبنان هذا؟ باي باي. فالج لا تعالج. الطوائف أقوى من الدول الكبرى. الوطن.
سد بوزك. هذا حصرم رأيته في مناماتنا الكابوسية.