تبدو بيروت في نهارات الكورونا وكأن سكانها قد هجروها: شوارعها التي كانت من الإزدحام فارغة الا من بعض السيارات التي تمرق متعجلة وعيون السائق ومن معه تدور باحثة عن “رفاق عبور” فلا يجدون الا شرطي السير يقف متكاسلاً في انتظار مرور سيارة.. اية سيارة، ولو سيارة اطفائية او اسعاف.
الفراغ موحش في مدينة الفرح والرقص والمضاربات العقارية والسمسرات، عاصمة الإعلام العربي في وقت سابق، عاصمة المسلسلات التلفزيونية، ومحطة استراحة اهل الفن من الممثلين المصريين والسوريين والاجانب.
لم نعرف بيروت فارغة تتردد فيها اصداء السنين الماضية كما هي الآن: الإعلام محلي، أي الصحافة والمجلات والبرامج التلفزيونية جميعها شغل اهل البيت اضافة إلى الناشطين السوريين في مجال التمثيل وانتاج المسلسلات. حتى الحضور الفني المصري تراجع بأفضال كورونا والتراجع المنهجي في مصر ذاتها.
انخفض انتاج دور النشر المحلية، بعدما دخلت دور النشر في السعودية وقطر ودبي على الخطة، في سباق مع دور النشر المصرية.
الصحف التي ما تزال تكابر ويخسر اصحابها للشح الفاضح في الاعلان التجاري، وانعدام “الاعلان السياسي”، وتناقص القراء الذي جذبتهم مواقع التواصل الاجتماعي ووفرت لهم البديل الفعال والاسرع.
لم تعد بيروت عاصمة الكلمة ودار النشر الأولى في الوطن العربي.
انتعشت دور النشر في مصر، وفي الدوحة بل وحتى في السعودية فضلاً عن تعاظم الانتاج الادبي والفلسفي في المغرب وتونس والجزائر.
لقد تناقص الاقبال على القراءة عند الجيل الجديد، الذي شده الاعلام الرقمي، لكن المتلذذين والمستمتعين بقراءة الورق ما زالوا من الكثرة بدليل تكاثر دور النشر في عواصم عربية عديدة وبروز أسماء كتّاب جدد يدل أن عالم القراءة ما زال بخير.. بل هو تزايد مستمر إذا ما احتسبنا القراء على وسائل التواصل الاجتماعي.