ما زال المسؤولون العرب، ملوكاً ورؤساء وامراء يعيشون في عصر الخلافة، حيث لا تتم تسميته خليفة جديد بديلاً من الخليفة القائم الا في حالة اغتياله..
فأما الملوك والسلاطين (كما في عُمان) والامراء الذين جعلوا انفسهم ملوكاً، كما في قطر، فيحكمون بقدر ما تطول اعمارهم وتفشل مؤامرات “الجمهوريين” لخلعهم..
على أن العدوى قد ضربت رؤساء الجمهورية المنتخبين لولاية واحدة (من ست او سبع سنين).. وهكذا، فانه ما عدا رئيس الجمهورية في لبنان، قد حكم أي رئيس بقدر ما امد الله في عمره… وهكذا فقد حكم جمال عبد الناصر، بشخصيته الاستثنائية، مصر لمدة 14 سنة (حتى 28 ايلول 1970) وحكمها انور السادات، بعده، لمدة 11 سنة حين سقط قتيلاً برصاص ضابط في الجيش المصري في احتفال بنصر اكتوبر (6 تشرين الاول 1981) .. ثم حكم حسني مبارك مصر لمدة ثلاثين سنة متصلة. كما حكم حافظ الاسد سوريا لمدة ثلاثين سنة متصلة، خلفه في الحكم نجله بشار بعدما اختطف حادث سير مشهور نجله الاكبر باسل.
ها هو الرئيس الجزائري عبد العزيز بوتفليقة يقرر ترشيح نفسه لولاية خامسة (وهو مشلول، يتحرك على كرسي نقال بعجلات يحركها بيديه ويتخذ قراراته وفق مزاجه وحالته الصحية).
وأما معمر القذافي الذي كان يرفض الرئاسة والملك مُصّراً على الاحتفاظ بلقب “الأخ القائد” فقد حكم ليبيا اقل قليلاً من نصف قرن مفضلاً صفة المفكر وصاحب النظرية العالمية الثالثة على ألقاب الفخامة والجلالة والسمو… وانتهى صريعاً في ظروف اختلطت فيها المعارضة بالعتو والتدخل الخارجي مع الغضبة الشعبية.
أما في لبنان فقد جرب أكثر من رئيس تجديد ولايته او تمدديها، الا اللواء فؤاد شهاب الذي رفض التظاهرة النيابية المطالبة بالتجديد او التمديد، وترك الرئاسة وقد غلبه اليأس من اصلاح النظام.. فضلاً عن فهم “المزاج اللبناني” الذي يطالب بالإصلاح ثم يجتهد في اغتيال المصلح.
ولقد حاول امين الجميل التجديد او التمديد بتدخل مباشر من الرئيس الراحل حافظ الاسد، فلما رفض الاسد ترك الجميل القصر الجمهوري فارغا، بعد تعيين حكومة عسكرية من اعضاء المجلس الاعلى للدفاع بقيادة العماد ميشال عون يومها.. فلما رفض الوزراء الثلاثة المسلمون هذه الصيغة نصب الجنرال عون نفسه رئيساً وبطلاً للتحرير وخاض حربين تحت مسمى “التحرير” و”الالغاء”.. حتى تم خلعه بالقوة وتدخل الجيش السوري، فسمح له بالمغادرة الى فرنسا بما حمل، واستقر هناك حتى العام 2005… حين سمحت الظروف المستجدة بوصوله إلى رئاسة الجمهورية.
يفضل الرؤساء العرب الالقاب الملكية، ويفضل الملوك القاب الخلافة..
أما الشعوب العربية فتحلم بالديمقراطية وان عاشت تحت اثقال الأوتوقراطية المذهبة أو المذهبية..
وبين الواقع والحلم تبدو الدول العربية، في قمة السلطة فيها، وكأنها في خلافات مفتوحة حول القاب الخلفاء اصحاب الجلالة والفخامة والسمو..