نتلاقى، في أفياء الحلم، أيها الزملاء، حملة مفاتيح الكنز المرصود.
قبل أربعين عامًا بدأنا كتابة الحلم، فكانت «السفير».
كتبنا لكم وعنكم، كمواطنين. كتبنا عن الشعب وحقوقه. كتبنا عن الوطن الصغير وحريته ودوره الطليعي، عربيا.
بالحبر كتبنا. بالعرق كتبنا. بالدم كتبنا. وكتبوا أسماءنا بالرصاص. كتبوا مطابعنا بالديناميت.
ها هي «السفير» مع أهلها، مع وطنها. نعتز بأننا قد خاطبنا جيلا أول ثم جيلا ثانيا وها نحن نتوجه لبناء العلاقة مع جيل ثالث.
وُلدت «السفير» مع الربيع. مع تجدد الحياة. وقد اجتهدنا وما زلنا نجتهد لان نكون ربيعا للصحافة في بلد الحرف.
كانت «السفير» حُلما. صارت «السفير» صباحا. كل يوم نحلم بالتغيير، في السياسة أساسا، في مستوى الحياة بالتقدم اقتصاديا واجتماعيا.
فاحمل حلمك واتبعه.
نحن لا نكتب أحلامنا على الماء. نكتبها بالتعب وعرقه، بالأمانة ومسؤوليتها. هزمنا الحروب بالحلم. بحرصنا على حلم الوطن. كان حلمنا بأن نكون «صوت الذين لا صوت لهم»، بوصفهم الأكثرية الساحقة من شعبنا، من كل الأديان والطوائف والمذاهب والأعراق. بعد أربعين عاما ما زلنا نحلم، لا أحد يستطيع مصادرة الحلم.
[ [ [
على هذه الأرض ما يستحق الحياة.
من حقنا أن نحلم بدولة لكل مواطنيها. بأن يكون أولادنا إخوة لا خصوما.
بأن تعود بيروت عاصمة الكتاب والمنتدى الثقافي والجامعة والفندق والمقهى وصحيفة الصباح.
عاصمة العلم والشعر، الحداثة والعراقة. نوارة العرب.
من حقنا أن نكون مواطنين لا رعايا، إخوة وشركاء في وطن أبقى من الطوائف وأكرم.
من حقنا أن نخرج من الحرب الأهلية إلى الوطن الواحد.
من حقنا أن نكون عنوانا للغد العربي. أن نفتخر بمستقبلنا أكثر من ماضينا.
من حقنا أن نقرأ في تاريخ واحد يؤكد لنا حقيقة أننا شعب واحد.
من حقنا أن نحلم بأن تبقى «السفير» جريدة لبنان في الوطن العربي لأربعين سنة جديدة.
فإلى أربعين عاما جديدة في خدمة الحق والحقيقة. في خدمة السبب في وجود «السفير»: المواطن وحقه في وطنه وعليه.
لقد عشنا الأربعين الأولى في البعيد، تعرفوننا قليلا ونعرفكم عن بعد. فلنتقدم إلى الأربعين الثانية معا، لان كلا منا علامة نجاح للآخر… ومعا نشكل نقطة ضوء في هذه المرحلة المعتمة. لنقهر الخوف معا ولننتصر لحرية الكلمة، حرية الرأي والإبداع معا.
فلنتعاون حتى ننتصر على الخوف بالأمل وعلى الغربة باستذكار أننا في قارب واحد، إن سلمنا سلمتم وبقاؤنا علامة نجاح لكم. وكلنا في المبدأ شركاء في حلم الوطن الواحد.
طلال سلمان
كلمة رئيس التحرير التي ألقيت في حفل إطلاق حملة « اكتب حلمك… السفير 2054»