في الفترة التي سبقت 6 شباط 1984، كان الضجيج قد بدأ يتعاظم. الضاحية “النوارة” تئن صامدة تحت الضربات الموجعة التي أمعنت فيها تهديماً وقصفاً وتشريداً، وبيروت “الأميرة” تشرق بماء النار إلى وجهها… في تلك الفترة، لم يكن من صوت يعلو فوق أصوات المدافع، وكان ملقنو تلك المدافع يوجهونها أينما كان، وكيفما كان، إلى وجوه الأطفال، وبطون النساء الحوامل وأماكن العبادة وإلى الدور الصحافية والعاملين فيها… إلا أن مقالات طلال سلمان، تهرب إلى الجنوب والضاحية وتتحدى الرقابة، وتصور وتوزع كالمنشورات السرية: “ارفع رأسك تكنه”، “حتى يبقى للسلاح شرفه”، “جنوباً در، جنوباً سر، وانتصر”، “النوّارة”، و”إلى أميرة اسمها بيروت”.
وكما في مقاومة الهيمنة والتسلط والاحتلال، كذلك في مقاومة الفتن بين أبناء الصف الوطني الواحد، كانت مقالات طلال سلمان، التي ضمّها هذا الكتاب، تحفر بعناد، داعية أبداً، إلى نبذ التقاتل والمذهبية والحزبية الضيقة والطائفية، في وقت ضاقت فيه الصدور والأنفس.