أخيراً، وبعد ما تم العثور على رئيس للحكومة من خارج الطقم السياسي الذي يتناوب اعضاؤه على الرئاسةـ هو الأستاذ الجامعي حسان دياب.
وبعدما نجح “الخبراء” في اللعبة السياسية في تشكيل حكومة مختلفة عن المألوف تضم، لأول مرة في تاريخ لبنان، ستاً من السيدات المؤهلات علمياً واجتماعياً، فضلاً عن تشكيلة من الوزراء ترضي الرئاسات والزعامات والقيادات السياسية، ما عدا تيار المستقبل الذي اعتكف نوابه تضامنا مع رئيسهم المستقيل، قبل حين، سعد الحريري..
لكن “الشعب” الذي رفض حكومة الحريري واسقطها في الشارع، لم يرحب بالحكومة المرتجلة التي شكلت في ليل، من أسماء سيدات من خارج الطبقة السياسية، ومعظمهن غير معروفات في مجالات النشاط العام، اقله سياسيا، كما اتى الوزراء بأكثريتهم من اصحاب الكفاءة العلمية والدبلوماسية لكنهم كانوا بعيدين عن الناس، مشغولين باهتماماتهم الخاصة..
وبعد ايام طويلة من تجمع المتظاهرين الغاضبين امام منزل الرئيس المكلف، اختار بعدما اتم تشكيل الحكومة بتعاون حثيث مع اصحاب الخبرة والمحنكين في التعامل مع الازمات، أن يجعل مقره ـ سكنه في “السراي الكبيرة” التي جدد بناءها الرئيس الراحل رفيق الحريري بعدما هدمت خلال دهر الحرب الاهلية العربية ـ الدولية بين 1975 و1990.
ثم كان أن حان موعد جلسة الثقة بالحكومة الجديدة مختلفة التشكيل، معطرة الحضور بالسيدات ـ الوزيرات… فتوجب على القوى الامنية أن تنزل بقضها وقضيضها إلى الشارع لتحرس “تسلل” النواب إلى مبنى مجلسهم المحصن بأسوار مستحدثة من الباطون المسلح، فضلاً عن مئات من رجال التدخل السريع المزودين بالكمامات التي تحميهم من الغاز المنطلق من القنابل التي يطلقونها على المتظاهرين.
ولقد نجح عشرات من النواب في التسلل إلى المجلس الذي افتتح رئيسه الجلسة بلا نصاب، معتبراً أن النواب الآخرين في الطريق يجتهدون في التحايل على المتظاهرين الغاضبين للوصول إلى المجلس.
انه زمن آخر:
زمن يحاول فيه الرئيس الاميركي دونالد ترامب أن يمرر لرئيس حكومة العدو الاسرائيلي بنيامين نتنياهو “صفقة القرن” التي يشطب فيها فلسطين ويجبر شعبها (او من تبقى منه في الضفة الغربية وغزة) أن يتواصل عبر الانفاق داخل ارضه التي كانت ارضه، وستبقى ارضه، برغم الاحتلال المصفح بالدعم الاميركي والخيانة العربية التي مثلها ثلاثة من سفراء الكوفية والعقل، كشهود زور على “بيع” فلسطين لمن احتلها قهراً، مع تكفل بأن تدفع دول النفط والغاز تكاليف صفقة العار هذه..
ملاحظة: لم يهتم مجلس النواب، ولا الحكومة الجديدة، بهذا الحدث الطارئ والذي سوف يتسبب ـ اذا ما امكن تمريره ـ في تبديل جذري في خرائط دول المنطقة العربية، وليس فلسطين وحدها، خصوصاً وان المشروع ينص على أن تقدم مصر ـ السيسي بعض صحراء سيناء لتكون سكناً لمن سيطردون من اهل الارض، فلسطين، او ستضيق بهم الانفاق التي سيجبرهم الاحتلال الاسرائيلي على اعتمادها في تنقلهم بين اهلهم في الضفة الغربية واهلهم في غزة.. كما في البلدات الجديدة التي سوف تبنى لهم في صحراء التيه.
انه زمن آخر.. لكن مجلس النواب في لبنان، وكذلك الحكومة الوليدة، لم يأخذوا علما به، ولم يستعدوا لتبعاته الثقيلة.. ولذلك تجاوزت خطب النواب، بعد البيان الوزاري ومثله، هذه التطورات الخطيرة، بافتراض انها تخص “الغير”!! ولن يكون لها أي تأثير علينا في لبنان، او على سائر الاقطار المحيطة بفلسطين والتي طالما واجهت الحروب والاعتداءات الاسرائيلية المتكررة على اهلها وجيوشها.
من يهن يسهل الهوان عليه …………….. ما لجرح بميت ايلام..