غزة ـ حلمي موسى
يوم آخر وأمل يتجدد بقرب الفرج وانتهاء المعاناة.
لا حديث في محيطنا هذه الأيام سوى عن شدة القصف في مناطق القطاع المختلفة، وخصوصا في الشمال وفي خانيونس، وتكرار المجازر التي تودي بأعداد كبيرة من الشهداء. وعلى الرغم من أنّ رفح تعتبر من المناطق الآمنة نسبيا، إلّا أنّ قصف بيوت آمنة فيها، ودور عبادة يتزايد بشكل ملحوظ. وترتفع أعداد الشهداء وتتضاعف مشاهد الدمار في رفح فيما صور معاناة النازحين تصبح أكثر قسوة.
ويزداد جحيم المعاناة مع اقتراب ما يعرف لدينا بـ “أربعينية الشتاء” وهي فترة تبدأ بعد يومين وتتميز بشدة البرد، وتمتد حتى مطلع الشهر الثاني من العام المقبل، ولاسيّما وأنّ عشرات الألوف من النازحين، إن لم يكن مئات ألألوف منهم، يعيشون في خيم غالبيتها لا تقيهم من الأمطار والرياح وطبعا من البرد.
ولذلك، فإن الوضع يزداد سوءً بالنسبة لغالبية النازحين، إن لم يكن كلّهم، وحتى بالنسبة لمن بقوا في بيوتهم في رفح وفي المنطقة الوسطى، مع ارتفاع خطر القصف والتدمير عبر توسع العملية البرية إلى مناطق جديدة، وخصوصا رفح.
ومن الواضح أن الاحتلال، وعلى الرغم من خسائره البشرية والمادية والاقتصادية الكبيرة، إلّا أنّه مازال زال يتحرك من منطلق أنّ “ما لم يتحقّق بالقوة يمكن أن يتحقّق بالمزيد من القوة”، مدفوعا باعتبارات كثيرة من بينها الدعم الأميركي، والصمت العربي، وتوق رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو لإطالة أمد الحرب.
وفي غضون ذلك، يتزايد الحديث عن تبادل للأسرى، لكنه كلام أقرب إلى جعجعة من دون طحين. فنتنياهو وحكومته على استعداد لتقديم “إغراءات” للمقاومة على شكل تحرير لأسرى قياديين، وحتى اطالة أمد الهدنة، بل والانسحاب من بعض مناطق القطاع. ولكن كل إغراءات الاحتلال لا تستجيب للمطلب الأساسي للمقاومة وهو وقف إطلاق النار التام قبل أي تفاوض على تبادل الأسرى. بالإضافة إلى ذلك، فإن المقبول الآن لدى المقاومة هو التبادل وفق قاعدة كل الأسرى لدينا مقابل كل الأسرى لديكم.
ويؤشّر ذلك كلّه إلى أن الموضوع أكثر تعقيدا مما يظن البعض، خصوصا وأن “الاغراءات” ليست أكثر من مادة سجال داخل إسرائيل نفسها، وليست موجّهة فعليا للمفاوضات.
وتنشغل بعض الجهات في الكيان هذه الأيام بالاسم الذي يجب إطلاقه على هذه الحرب بدلا من “السيوف الحديدية”، وهو الاسم الذي اختاره حاسوب جيش العدو. وقد بادر نتنياهو الى المطالبة بتغيير الاسم كي يعبر عن حقيقة هذه الحرب، مقترحا تسمية الحرب بـ”حرب التكوين” نسبة الى السفر الأول في التوراة وهو سفر التكوين.
وهناك اقتراحات أخرى بأسماء مثل “حرب غزة” و”حرب سمحات توراه” وهو اسم العيد اليهودي الذي كان قد بدأ يوم ٧ اكتوبر، وأيضا اسم “حرب عودة الروح”.
أي أم السجال في الكيان لا يتناول مجرى الحرب ومستقبل العلاقات مع الفلسطينيين والبقاء والوجود، بل هو يتوسع ليطال اسم الحرب!