أن تستولد الارادة مطبوعة جديدة في بيروت، مختلفة موقفاً وشكلاً، فضلاً عن الحجم، والافادة من التطور التقني والاستغناء عن المطولات باعتماد اسلوب المختصر المفيد، فهذا حدث يستحق الاحتفال والترحيب وتمني النجاح للفرسان الذين تلاقوا مع الزميل حسين ايوب فيها، ليقولوا ما لم يُقل ولا يُقال عادة الا بالتلميح او الايماء او الجمل الناقصة التي قد توحي بغير ما تقصد.
انها مغامرة جديرة بالتشجيع والتقدير.. فالزملاء الذين تلاقوا على “ارتكاب” هذا التحدي في زمن تغلب فيه آليات التواصل الاجتماعي على المكتوب المطبوع تعني احترام العقل وتحفيز القارئ على التحليل ورفض التسليم بما يُسمع او يُقال او يُنقل عن آخرين ينقلون عن المكلفين بترويج المعلومات المنقوصة لتشجيع التحليل المتسرع الذي غالبا ما يؤدي إلى استنتاجات خاطئة.
مباركة هذه المبادرة الشجاعة التي سوف تسهم بتصحيح بعض المغلوط ـ بقصد او بغير قصد، لا فرق ـ مما ينشر من معلومات ناقصة او من تحليلات متسرعة او مغرضة لإشاعة الفوضى والخلط بين الصح والخطأ بما يخدم اصحاب المصلحة في الغلط..
مبروك، والطريق مفتوحة امامكم أيها الزملاء الفرسان اسم المطبوعة: الجهاد ـ 180.
في ما يأتي افتتاحية العدد الاول من الرصيفة الشهرية “الجهاد ـ 180”:
تحية من رفيق سلاح
لم تعد الصحافة الورقية أخطر وسيلة لتعميم الأخبار وتحليلها وإستنتاج مرامي صانعيها ومروجيها الذين لا يظهرون، غالبا، في الصورة. لقد قهرتها وسائل التواصل الإجتماعي بسرعة التداول والوصول إلى الأبعد مكانا والأقل ثقافة، ولكنه مهتم بأن يعرف ما يجري، حتى لا يبدو غريبا عن عصره.
صارت الصحافة، لا سيما الأسبوعية وبالتالي الشهرية، وسيلة لتحليل الأحداث وتشريح المعلومات، وكشف المخبوء والمحجوب عن العامة، والمدموغ بـ”سري جداً”، والمكرس لخدمة صناع القرار بعيدا عن الدهماء وهتّافي التظاهرات في الساحات العامة.
تصدر مجلة “الجهاد” (180) لكي تضيف إلى معلومات القارىء وتساعده في بلورة تحليله وسبر أغوار السياسات بجوانبها الحيوية: الإقتصاد ومحاولة اللحاق بالعصر..
إن في لبنان خاصة، كما في الأقطار العربية الشقيقة، كماً عظيماً من منابر الإعلام وأجهزته، صحفاً وإذاعات، ومحطات تلفزة، غالبيتها العظمى مملوكة للدول أو ناطقة بإسمها، وهي توظف أو تستعين بعشرات المحللين والخبراء الإستراتيجيين وقارئي الكف والمنجمين في علوم السياسة والإقتصاد والإستراتيجيات المعقدة.
لكننا في الغالب الأعم، نتوسل لفهم ما يجري وما يُدبر لنا في بلادنا الغنية، وخاصة لقضيتنا المقدسة فلسطين، التحليلات المرتكزة إلى حقائق الأوضاع وإلى تنافر السياسات، وبالتالي الأغراض، إزاءها.. وغالبا ما أصابتنا الصدمات وفاجأتنا التطورات بغير ما نتوقع (هزيمة 1967، مثلاً، نتائج حرب 1973، مثلاً).. وبالمقابل، إنتصار المقاومة في لبنان بإجلاء قوات الإحتلال الإسرائيلي في العام 2000، ثم الإنتصار المخضب في حرب تموز ـ آب 2006.
و”الجهاد” (180)، ستحاول بصدورها، اليوم، أن تملأ بعض هذا الفراغ، عبر تقديم المعلومة الدقيقة والتحليل الرصين، بعيدا عن بهرجة “السبق الصحافي” الذي ينشغل بالجزئيات ويغفل أساس الموضوع ـ القضية.
فليست “الجهاد” (180) صحيفة جديدة تصدر لتنافس غيرها من المطبوعات في لبنان وسائر أرجاء الوطن العربي.
هذه الكوكبة من الصحافيين اللامعين بقيادة رفيق العمر حسين أيوب، تتصدى في زمن الانحدار، لإصدار مجلة مختلفة في الشكل، أما في المضمون فمهمتها أن توسع دائرة الضوء حول القضايا ذات الأهمية في صنع القرار العربي.
هي ليست صحيفة دولة أو حزب أو جهة معينة، وبالتالي فهي صحيفة قارئها.
وهي تعتمد التحليل المعمق للأحداث الجارية عبر كتابات وتحقيقات لعدد من المعنيين والمعروفين بالدقة في المتابعة ودراسة المواقف المختلفة واستنتاج ما ينفع في استقراء ما سوف يكون في سياق التطورات التي تشهدها منطقتنا وتعطل أو تعرقل مسيرة الأمة نحو غدها الأفضل.
إن هذه الأمة غنية بالكفاءات والخبرات والشباب المتدفق حماسة من أجل إخراج بلادنا، ذات التاريخ الحافل بالتضحيات والدروس، من ليل الظلم وقهر أباطرة السلطة، المتاجرين بالطائفية والمذهبية لتفكيك وحدة الشعب وقدرته على المواجهة والانتصار وإثبات الذات بمقاومة مشاريع الإلحاق والتبعية، وتمكين العدو الاسرائيلي وقيادة دونالد ترامب ومشروعه الامبريالي لتثبيت الهيمنة على منطقتنا ومقدراتنا ومستقبلها تحت عنوان “صفقة القرن للشرق الأوسط الجديد”..
انه مشروع امبريالي جديد يستكمل ما سعت الى تنفيذه المشاريع السابقة للهيمنة على منطقتنا: بدءاً بمشروع أيزنهاور، وصولاً الى حلف بغداد، ثم مشروع الشرق الأوسط الجديد، وكلها كانت تهدف الى إسقاط العداء العربي لمشاريع الهيمنة الأميركية التي تستهدف دمج الكيان الاسرائيلي في المنطقة لضرب هويتها العربية ومشروع نهضتها القومية وحقها في تحرير ارضها المحتلة بعنوان فلسطين، ووقف الحروب الظالمة بل القاتلة، ضد اليمن وتمزيق وحدته وابادة شعبه شمالاً وجنوباً.
ولقد شرفني الزميل حسين ايوب، شريكي في مغامرة “السفير” التي أمكنني توفير اسباب الحياة لها لمدة ثلاث واربعين سنة، بأن طلب إليّ أن اكتب في هذه المجلة التي أتمنى بل أؤكد انها سوف تضيف إلى تجربة “السفير”، بأن تكون شمعة تضيء بعض جنبات هذا الكهف الذي احتجزتنا فيه أنظمتنا بالعجز والهرب من مسؤولياتها واضطهاد شعبها، بدلاً من بناء بلادنا بالحرية والكرامة وكفاءة ابنائنا.
وليس من باب التوقع المتفائل بل من باب المعرفة الحميمة وطويلة العمر مع الزميل حسين ايوب وشركائه في هذه الخطوة الجريئة الزملاء سامي كليب وأمين قمورية ووسام متى، فان “الجهاد” (180) بإدارتها الجديدة ستفي بوعدها لقرائها بأن تنير شمعة في هذا الليل العربي الذي تعمل لتثبيته، على مدار الساعة، أنظمة العجز والانحراف، بالتواطؤ مع الامبريالية الاميركية والعدو الاسرائيلي.
مباركة هذه الإضافة النوعية إلى الصحافة العربية، وليكن التوفيق حليف هذه الطليعة من الفدائيين العرب في دنيا الاعلام من اجل الاضاءة على قضايانا القومية وكشف مخططات اعدائنا في الداخل والخارج..
انكم تستحقون النجاح في مهمتكم الصعبة أيها الرفاق الذين واجهنا معاً محاولة اقفال الطريق امامنا لكي نسقط في التيه الذي يأخذ إلى العدو.. او الانهيار..
ليكن النجاح رفيقكم وهاديكم في خطوتكم الجريئة، لكي تقولوا ما لم يُقل وما لن يُقال الا إذا تصدى لمثل هذه المهمة الجليلة امثالكم من الرواد.