يكتب العرب تاريخهم الجديد بالدم الفلسطيني..
تتوالى الصفحات مطرزة بصور الشهداء: شباناً وفتية وصبايا الورد، كهولاً وربات بيوت وأمهات يشبهن مريم العذراء..
تمتلئ الشوارع بالشباب والصبايا والكهول الآتين من مخيمات اللجوء في بلادهم إلى المسجد الاقصى الذي صار يختصر الدين والوطن، ودرب الآلام الممتد إلى السماء عبر الاسراء والمعراج.
ينزل العدو بجنده والدبابات والمصفحات والحواجز والبوابات الالكترونية لمنع اتصال الارض بالسماء، ومحاولة وصول “الله أكبر” إلى صاحبها الذي في الأعلى..
الايمان أقوى من الرصاص.. والمسجد على بعد خطوات، وبين الآتين للصلاة وباحات المسجد الاقصى حواجز من نار: من يطلب الموت فليتقدم إلى الصلاة..
يحاولون اقتحام الحواجز الاسرائيلية. تواجههم نيران البنادق. يتقدمون فتعترضهم البوابات الالكترونية القاتلة..
بينك وبين الصلاة نار البنادق..
بينك وبين الله عدو الله..
بينك وبين فلسطين الموت، لكنك بالموت تحيا. هكذا علمتك فلسطين. الشهداء من امامك والعدو من وراءك، والارادة التي تباركها الارض المقدسة تدفعك إلى الامام.
العرب يتفرجون بفضول. لا عاطفة، لا اهتمام، لا لهفة، لا حسرة، لا رغبة في نصرة الذاهبين إلى تحدي العدو بإيمانهم..
بعضهم يدير وجهه إلى الناحية الأخرى..
وبعض آخر يتابع المشهد بفضول من يتابع مسلسلاً تلفزيونيا،
وبعض ثالث يكاد يهتف بالجنود الاسرائيليين: هيا ـ اطلقوا نيران بنادقكم.. أطلقوا المدافع فاهدموا الاسطورة ومعها المعراج ودرب الآلام. أريحونا من الماضي. انما نطلب المستقبل لنعيش معكم فيه، وليذهب هؤلاء المتعصبون إلى الجحيم.
لكن المسجد الاقصى ينتصب واقفاً وأمامه الخليفة عمر بن الخطاب ومن خلفه صلاح الدين، وفرسان الفتح يقفون على حطام الصليبين في انتظار معركة التحرير الآتية مهما طال الزمن..