ما أغرب طبائع هذا الشعب اللبناني العظيم، وما أشطره في ابتداع الاعذار لنفسه عن سوء اختياراته السياسية، كما تتجلى في نوابه الذين يزدحمون عليه في سرادق العزاء، إذا ما فُجع بعزيز، ثم ينقطعون عنه حتى موعد الانتخابات النيابية التالية، وهو يتراوح بعداً بين 4 و8 سنوات او ربما أكثر.
فهل من المستغرب أن يتجاوزه اهل السلطة، رؤساء وحكومة ونواباً، فيمددون لأنفسهم مرة ومرتين وثلاثاً (كما هو مرجح الآن) ثم يعودون إلى ذريته الصالحة طالبين اعادة انتخابهم.. لنجاحهم الباهر في خدمته!
ومن حق السادة النواب أن يتجاهلوا “الناخبين” وان يقفزوا من فوقهم، طالما أن “البوسطة” تحملهم إلى البرلمان وقد حُصنت بالأعلام الطائفية لهذا التنظيم “السياسي” او ذاك، من دون جميل “الشعب” بجماهيره الناخبة.
ها أن السلطة “تجرجر” الناخبين وراء مهل التمديد للمجلس الذي مدد لنفسه مرتين حتى الآن، والثالثة في الطريق، والأرجح أن يرسو الموعد الاخير “قبل نهاية السنة” على حد ما قال وزير الداخلية.. في حين استدرك رئيس الجمهورية فسحب كلامه “عن اجراء الانتخابات في موعدها” إلى الاكتفاء بالإشارة إلى “انها ستجري حتماً”.
الطريف، بل الغريب العجيب، بل المستفز في هذا كله أن “غنم الناخبين” لا يهتمون، او انهم يعيشون حالة يأس من احتمال التغيير، وعلى هذا فلا يهم “القانون” الذي سوف يُعتمد لإجرائها، ولا يهمهم حتى إن تُجرى او لا تُجرى، لانهم يائسون من التغيير، حتى لا نقول انهم يائسون من انفسهم وقد سلموا أن الطبقة السياسية الحاكمة والمتحكمة بمصيرهم أقوى منهم مجتمعين.. فكيف وهم متفرقون طوائف ومذاهب وشيعاً مموهة بالأحزاب السياسية وما هي من السياسة في شيء