عشنا، في لبنان، زمناً طويلاً نغبط أخوتنا العرب على ثوراتهم، ضد الاحتلال الأجنبي والانتداب (وبين نتائجه المباشرة ما يتجاوز التقسيم السياسي بحيث صار البلد الواحد دولاً شتى، وكذلك تقسيم الشعب الواحد الى أديان وطوائف ومذاهب بحيث تنتفي وحدة الجميع كشعب ووحدة الأرض كوطن واحد لجميعهم)..
الانتفاضة.. وحرامية الأملاك العامة!
في جملة ما كشفته الانتفاضة الشعبية العظيمة بعض عناوين الفساد المستشري في المؤسسات العامة، وبينها، على سبيل المثال لا الحصر:
1 ـ الغاء بيروت العاصمة الموحدة لوطن واحد وتقسيم أشلائها كهبات وشرهات وجوائز ترضية على النافذين (مع سماسرتهم من المزورين في مختلف الادارات بما فيها بعض الجهات القضائية..)
2 ـ تثبيت التقسيم الطوائفي الذي فرضته الحرب الأهلية في زمن مضى، وقبل أربعين سنة، على بيروت (كما على طرابلس)، بحيث يتناقص الطلب على العقار (لا سيما تذويب “القلب”
لكم لبنانكم ولي لبناني
الكيان، المتصرفية، الدولة تحت الانتداب، لبنان الكبير، الجمهورية الثانية، وهي كلها تسميات أطلقت لوصف لبنان في الأعوام المائتين الماضية.
تسويات وحروب واتفاقات دولية وسفراء وقناصل ودور خاص وموقع متميز وأم حنون وجزء من محور وشقيق وصديق وأوصاف كثيرة أخرى استخدمت لتحديد ماهية لبنان عبر عقود مديدة من تاريخ منطقتنا وموقع لبنان فيها.
إستراحة المتظاهر في الثورة.. الثروة
بصرف النظر عما إذا كان الملل سيدق أبوابه على عشرات الألوف الذين أمضوا الأسابيع الثلاثة في ساحات العاصمة الأُولى بيروت والعاصمتيْن طرابلس الشمال وصيدا الجنوب اللتيْن أشبه بالذراعيْن لأم الشرائع، يرفعون الصوت عالياً وكمَن يؤدي الصلاة ممسكين بالعَلَم مرفرفاً والمطلَب محقاً والروح فياضة بحب الوطن المفترى عليه من بعض بني قومه أهل السياسة والأحزاب الذين آثروا الغريب على وطن الأجداد والآباء…
وبصرف النظر عما إذا كان البعض بدأ يشعر باليأس لأنه شارك في مسارات الإحتجاج مرتضياً حرمان الأبناء والبنات من الدراسة وكذلك كساد الكثير من مواسمهم والكثير الكثير من تجارتهم، ومع ذلك فإن المردود المأمول لم يتحقق ولو بنسبة تعوض بعض الشيء تعب الساعات الطويلة من الوقوف في ساحات الإحتجاج…
وبصرف النظر عما إذا كان أهل الحُكْم بكافة مفاصله لم يكونوا عند حُسْن أداء الواجب فلا نزلوا إلى الساحات كما سائر المحتجين يُسألون ويجيبون ويشدون من عضد هؤلاء الذين لولاهم لما صار هذا عضواً في البرلمان ولا صار ذاك وزيراً في الحكومة.