قلة من الناس أولئك الذين يظلون »حاضرين« في ذهنك دائما، تكاد تحس بأنفاسهم من حولك، وتكاد تسمع تعليقاتهم »الخبيثة« على ظُرف، مع كل حدث، مهما غابوا أو باعدت الأيام بينك وبينهم، فكيف إذا كان المقصود »النديم« أو »الحاج« الشهير باسم زهير السعداوي؟!
صمت »النديم«، الآن، ومضى »الحاج« في رحلته الأخيرة.
لعل »النديم« قد ضجر أو افتقد صحبته من الندامى أو المتنادمين، فدخل قوقعته احتجاجا على شحوب مصادر الأمل في العمل السياسي العربي وانطفاء المعنى في »الأخبار«، وتردي المستوى في »المجالس« التي كان يغشاها فينعشها وينتعش بها ويدير معها ظهره لما يجري مقدرا أن لا بد من »صحوة« تعيد الاحداث الى السياق الطبيعي.
طالت الرحلة وتكاثفت الخيبات، وغاب كثير من الرفاق الذين كانوا يساعدون على تحمل الصعب، وصارت نشرات الأخبار تتراوح بين الانتكاسات والانحرافات والتسليم بالسيئ حتى لا يكون الأسوأ.
كثير هذا على زهير السعداوي، صحافيا كان أم »حاجا«، فكيف إذا كان »النديم« المفرد حتى صار اللقب اسمه؟!
من ليبيا الثورة ضد الاستعمار الاستيطاني الايطالي الى »شام الله في ملكه«، جاءت الأسرة العربية منفية بقرار منها تستنهض »بني قومها« وتنبه الى المخاطر الآتية مع الاستعمار الغربي الذي جاء يحاول وراثة العثمانيين.
بعض الأسرة ظل في دمشق، وفرع »النديم« جاء بيروت… وفيها اتجه »زهير« الى الصحافة يعمل كمن يقاتل. وعلى امتداد عقدين وأكثر كان زهير السعداوي يحاول بقلمه أن يستحدث بقعة ضوء، فلما انفجرت الحرب الأهلية انطوى على خيبته بعيدا عن الخلاف يمضغ ألمه المفتوح.
كيف يكون وداع ناشر البسمة والمرح والتفاؤل؟!
كيف فعلتها أيها »النديم«؟!
غفر الله لك غيابك بينما يحتاجك محبوك الكثر.
***
مارس زهير السعداوي الصحافة منذ عام 1953.
عضو أول هيئة في جريدة »الجريدة« ورئيس القسم العربي والدولي فيها.
عضو هيئة تحرير جريدة »الكفاح« لصاحبها النقيب رياض طه ورئيس القسم العربي فيها.
ترأس القسم العربي والدولي في جريدة »السياسة« لصاحبها الرئيس عبد الله اليافي.
ساهم في تحرير مجلة »الأسبوع العربي«.
عمل في وزارة الاعلام اللبنانية منذ منتصف الستينيات وكان مديرا للوكالة الوطنية للأنباء، ثم مستشارا في الوازرة. وعين لاحقا مستشارا لوزير الداخلية الدكتور صلاح سلمان في احدى وزارات الرئيس الحص.
كتب سلسلة مقالات في صفحة الرأي في جريدة »الشرق الأوسط« (1986 1987).
عضو في اتحاد الكتاب اللبنانيين.
أتقن فقه اللغة العربية وآدابها وباحث في التراث العربي والاسلامي.
يجيد اللغتين الفرنسية والانكليزية وله ترجمات عديدة فيها.
بحث
Subscribe to Updates
Get the latest creative news from FooBar about art, design and business.
المقالات ذات الصلة
© 2024 جميع الحقوق محفوظة – طلال سلمان