غيب الموت، يوم أمس واحداً من الوجوه النظيفة في الحياة السياسية اللبنانية، وهي قليلة جداً، كما تعرفون، هو النائب السابق المرحوم سمير عازار.
وسمير عازار، ابن العائلة العريقة في جزين، وأحد اركان الحياة السياسية في تلك المدينة التي تشكل الرابط الوطني بين صيدا وصور وسائر الجنوب وبين الشوف، لم يغادر موقعه الجامع بين اهله على الضفتين، بينما تكفلت شقيقته ذات الشخصية القيادية المميزة السيدة نهاد عازار بلبنان جميعا قبل أن يخطفها منا الموت قبل سنين قليلة.
كان سمير عازار أحد رموز الاعتدال، ولكنه متى جد الجد وارتفعت موجة التطرف ذات المنحى الطائفي كان لا يتردد في التصدي لمخادعي الجمهور بتحريك غريزة التعصب ومحاولة تكسير الحاضر بماضي الانعزال والغلو في ادعاء “لبنانية” تستعدي الوطنيين والمؤمنين بوحدة الوطن وشعبه.
وعلى امتداد عمره النيابي، وترؤسه لجنة المال والموازنة في مجلس النواب، كان سمير عازار في موقع “الضمير”، يدقق ويتحرى ويستنطق الارقام ليطمئن إلى سلامتها وخلوها من الزور والتزوير..
وكان يعرف أن ضميره المجسد في الراحلة نهاد، التي تعرف كل الاسرار عن كل الناس، ولا تعطي احدا فوق ما يستحق، وتكره الطائفيين والمذهبيين والانتهازيين و”زلم السلطة”، اية سلطة وكل سلطة، سوف يحاسبه أن هو قصّر او أخطأ التقدير.
ولقد كان الراحل الكبير رصينا في مواقفه، مقلاً في تصريحاته، تجنباً لان يغرق، كما غيره، في لجة الكلام البلا مضمون، فضلاً عن الابتعاد عن كل ما يمكن أن يثير الحساسيات الطائفية او المذهبية.. وهو لم يبحث يوماً عن الشهرة، وتجنب ـ وهو ابن البيت السياسي العريق، النزول إلى مستوى المهاترة او الخصومة الشخصية وظل متحصناً بقيم الكبار.
رحم الله هذه القامة الوطنية المميزة، واحر العزاء لنجله ابراهيم عازار، وسائر افراد الاسرة الكريمة.