شرفنا وزير الخارجية الأميركية بزيارة لمدة ساعات، خلال جولة قام بها في منطقتنا.. ليطمئن على أحوالنا فيهدأ باله.
من القصر الجمهوري، حيث وصل مبكراً عن موعده، فاضطر لأن يجلس في الصالون منتظراً قدوم الرئيس ميشال عون لاستقباله، فسبقه إليه وزير الخارجية الباسيل، وبعد اللقاء صدر عن القصر بيان مقتضب شدد على تمسك لبنان بأرضه ونفطه، مندداً بالمناورات العدائية الإسرائيلية التي تشكل تجاوزاُ على السيادة ومحاولة لمنع لبنان من الإفادة من نفطه في البلوك رقم 9.
بعد ذلك توجه الوزير الأميركي للقاء رئيس مجلس النواب الذي لم يصدر عنه بيان وإن عبر ببعض الكلمات عن جو غير مريح..
أما رئيس الحكومة فقد أعد له استقبالاً رئاسيًا، وأولم له غداء فخماً، ثم شاركه في مؤتمر صحافي محترم لم يتمكن الزملاء اللبنانيون خلاله من توجيه أي سؤال.
ما علينا.. لن نتوقف أمام بيان الوزير الأميركي وأجوبته على بعض الأسئلة التي وجهت إليه.. لكن بعض ما قاله رئيس الحكومة، والأخطر، ما لم يقله سواء في كلمته الترحيبية أو في اجاباته على الأسئلة، لا يمكن تجاوزه أو السكوت عليه.
فالوزير الأميركي وصف “حزب الله” بـ”الإرهابي” وذكر بالعقوبات الأميركية المتخذة (أو التي قد تتخذ ضده)… والحريري صامت!
ثم لما نطق الحريري لم يتكرم بكلمة واحدة دفاعاً عن حكومته، التي تضامنت معه موحدة، بمن فيها وزيرا “حزب الله” أثناء احتجازه في “ضيافة” ولي العهد السعودي الأمير سلمان، في الرياض..
كذلك فدولته لم يشجب ولم يستنكر الغارات الإسرائيلية على سوريا، مع أن الطائرات الحربية الإسرائيلية تعبر الأجواء اللبنانية للوصول إلى أهدافها في الداخل السوري.
كما أن “دولته” نسي أن يشير إلى اسقاط الدفاعات الجوية السورية الطائرة الحربية الإسرائيلية، أميركية الصنع والهوية (اف 16) والتي عبرت بطبيعة الحال الأجواء اللبنانية.. وبعض حطام الصواريخ التي اسقطتها وقع قرب حاصبيا.
كذلك فإن الرئيس الحريري “نسي” أن يربط بين هذه الغارات وبين التحرش الإسرائيلي المفتوح بلبنان عبر محاولة سرقة النفط من البلوك الرقم 9 قبل أن يباشر لبنان التنقيب عن النفط المؤكد فيه.
لقد كان وزير الخارجية الأميركي قليل التهذيب ومستفزاً في توصيفه لـ”حزب الله” أمام رئيس حكومة تضم في عضويتها وزيرين من هذا الحزب المجاهد، بطل التحرير الذي لولاه لما كان في لبنان جمهورية وحكومات يرئس القائمة منها سعد الدين رفيق الحريري.
وبالتأكيد لو أن الرئيس الشهيد رفيق الحريري كان هو المضيف في سراي الحكم، لما تجرأ الوزير الأميركي على تناول “حزب الله”، الشريك في الحكومة، بمثل هذا التعابير النابية.. ولو أنه تجرأ لكان سمع من الرئيس الشهيد ما لا يرضيه.
رحم الله الرجال أصحاب المواقف.