أوقفت دول الارض جميعاً حروبها، غرباً وشرقاً، الا الولايات المتحدة الاميركية ومعها الكيان الصهيوني، فقد استمرت معه غالباً، ومن دونه احياناً، تقاتل العرب والمسلمين، عموماً، بمن في ذلك من تسترهنه في نفطه او في سيادته على ارضه، او في حقه في أن يكون حراً.
وصحيح أن إيران الثورة الاسلامية قد جاهرت، منذ يومها الاول، بالعداء لأميركا التي دعمت الشاه ضد شعب ايران، وساندته ضد الثورة الشعبية العظيمة التي قادها الدكتور مصدق في بداية الخمسينات حتى اعادته إلى عرشه الذي خُلع عنه فهرب متخلياً عن اقرب الناس اليه..
وصحيح ايضاً أن إيران قد صمدت، وأنها قد قاتلت اسرائيل كما تقاتلها، وأن “حزب الله”، المدعوم ايرانياً، قد ألحق اولى الهزائم العسكرية بإسرائيل في حربها على لبنان في صيف العام 2006، بعدما كان قد اجبرها على اجلاء قوات احتلالها العسكري من آخر حبة تراب كانت تحتلها في ايار العام 2000…
لكن الصحيح ايضاً أن الولايات المتحدة قد جربت في حربها على ايران مختلف انواع الاسلحة: شراء المتعاونين، تحريض الدول عليها، لا سيما في الجزيرة والخليج لمحاصرتها اقتصادياً، التشهير بها كدولة “ترعى الارهاب” (بينما واشنطن لا ترعى مختلف انواع الارهاب وتقاتل الشعوب في كل أرض..)
ها هي الولايات المتحدة الاميركية تمد عقوباتها إلى لبنان، وتحاول الضغط على مشروع الحكومة الجديدة فيه، لمنع “حزب الله” من المشاركة فيها، وتحرض ضد “النواب السنة المستقلين” الذين يرفض سعد الحريري اشراكهم فيها، برغم انهم نالوا من اصوات الناخبين اكثر مما نالت الاكثرية من “نوابه”، وأكثر مما لم ينل من يرشحهم جعجع للتوزير… والذريعة غير المعلنة هي “مقاومة النفوذ الايراني في لبنان”..
هذه هدية بالوطنية يقدمها الحريري لإيران، أن يحسب عليها نخبة من نواب لبنان، بينهم فيصل كرامي وجهاد الصمد فضلاً عن عبد الرحيم مراد. علماً أن معظم هؤلاء الستة (فضلاً عن الدكتور اسامة سعد) قد نالوا من اصوات الناخبين اكثر مما نال جماعة سعد الحريري في بيروت كما في سائر المناطق..
..وعلماً أن معظم هؤلاء لا يعرفون ايران، الا عبر مواقفها السياسية المعلنة.