لم يُعرف عن الرئيس السوري حافظ الأسد ولعه بلعبة الكراسي الموسيقية، تغييرù وتعديلاً وتبديلاً في المواقع.
وإذا كان قد اشتهر عنه أنه »رجل القرار في آخر ثانية من اللحظة الأخيرة«، فالمعروف عنه في المقابل أنه شديد التمسك بأصدقائه ومعاونيه، عادة، وأنه يميل إلى تثبيت مَن يطمئن إليهم في مواقعهم طلبù للاستقرار باعتباره بين موجبات الصمود وإلغاءً لمسبّبات الصراعات الجانبية (والشخصية) التي تنبع غالبù من السعي إلى دور في السلطة.
على هذا، يخطئ مَن توقع أو يتوقع أخبارù مدوية كنتيجة »للقمة الأولى بعد التمديد« التي انعقدت أمس في دمشق بين الرئيسين الياس الهراوي وحافظ الأسد.
الخبر الكبير الوحيد هو الذي سبق قمة الثاني من تشرين الثاني 1995 وحدّد الطرف أو الشريك اللبناني فيها.
أما التمنيات التي تراود أوساط الرئيس الهراوي وتوصلهم إلى توهم بداية جديدة، أو حتى عهد جديد، بعد التمديد، فمن الصعب أن تتحوّل إلى »أخبار«، أي إلى »قرارات«، لأن الهموم البحت محلية لا مجال واسعù لها في مثل هذا اللقاء، خصوصù بتوقيته، فكيف بالهموم الشخصية.
إذاً، فمن الصعب الافتراض أن موضوعù كالتعديلات الدستورية التي طرحها الرئيس الهراوي في »رسالة التمديد« ستكون على جدول أعمال اللقاء… أما إذا فرضت التطرق إليها رغبة الرئيس اللبناني في كسب ثقة بعض مخاصميه أو معارضيه الكثر، فمستبعد التوقف أمامها طويلاً بينما مفاعيل »مؤتمر عمان الاقتصادي للشرق الأوسط وشمال أفريقيا« تتوالى كاشفة هشاشة البنيات الاقتصادية للدول والشركات والأفراد (رجال الأعمال!!) من العرب، بعدما فضحت الاتفاقات المنفردة على السلام الإسرائيلي تهالك البنية السياسية العربية، مشرقù ومغربù وبين بين..
كذلك لا مجال لطرح مسألة أكثر حساسية كالجيش، عددù وعتادù وإنفاقù ودورù وقيادة، بينما تعلن إسرائيل بلسان قادتها جميعù، سياسيين وعسكريين، »تحرّرها« من مقتضيات مؤتمر مدريد (وهي لم تلتزم بمنطقه أصلاً)، واندفاعها إلى إشاعة أجواء الحرب، مجددù، ضد سوريا (بؤرة الإرهاب) وضد لبنان (بدولته وأرضه وشعبه) ورموز المقاومة المسلحة، داخل فلسطين المحتلة وخارجها،
وإذا كان التمديد قد تمّ تحت شعار تثبيت الاستقرار بالوضع القائم، والتصدي لأية محاولة لتغييره أو تعديله بما يتيح للمستفيدين من تخريبه فتح ثغرات تتسلّل منها رياح السموم، فإن هذا الحرص ذاته على الاستقرار يلجم أي حديث عن حكومة جديدة أقله في المدى المنظور، كما لجم من قبل الحديث عن رئيس جديد للجمهورية.
ومن باب أولى أن ينسحب هذا الموقف نفسه على الجيش، قيادة ودورù، خصوصù أن التطورات الجارية والمتوقعة ترشحه وقد تفرض عليه مواجهة قاسية، ومن الواجب بالتالي تعزيزه ماديù ومعنويù ليستطيع أداء واجبه الوطني، باسم »الدولتين« وتحصينù لموقفهما السياسي المشترك، إضافة الى حماية المقاومة ضد الاحتلال الاسرائيلي، وهي إحدى ركائز ذلك الموقف.
هي رحلة للمباركة والشكر، إذاً، ولتوكيد الاستمرار على النهج الذي استحق المكافأة،
أما السياسة ففي أمكنة أخرى، ولها اهتمامات أخرى تبدأ في القريب القريب، في عمان الهاشمية وبعض الضفة الغربية لفلسطين، وتمتد مع خط التقدم والاجتياح الاسرائيلي الى بعض الخليج وبعض المغرب العربي، لتنتهي حيث تكون البداية والنهايات في هذا العصر الأميركي: في واشنطن التي تأخذها رياح الانتخابات أكثر فأكثر إلى »التوأمة« مع تل أبيب.
ولعل هذه »التفاصيل« أهم من التسالي اللبنانية التي باتت بعض الفولكلور الممتع، برغم التكرار فيه ونقص الكفاءة في التمثيل والإخراج والمؤثرات الصوتية والحيل السينمائية!
بحث
Subscribe to Updates
Get the latest creative news from FooBar about art, design and business.
المقالات ذات الصلة
© 2024 جميع الحقوق محفوظة – طلال سلمان