لم تعرف الحياة السياسية في لبنان رجلاً بدماثة نسيب لحود ورقته ورفعة تهذيبه ونبذه للطائفية وإيمانه بوحدة الوطن وشعبه.
ولعله قد اكتمل رفعة في السلوك وحسن الضيافة بزوجته السيدة عبلة فستق التي اضفت على المنزل الانيق رحابة في التفكير والمشاعر.
كنا نتبادل الزيارات وأحاديث الهموم والمفارقات السياسية التي لا تستقيم مع أي منطق ولا يقبلها عقل سليم.
وأذكر انني استضفت ذات مناسبة وفداً عربيا يضم مائة طالب وطالبة مع اساتذتهم في بعض معاهد العلوم الاجتماعية، بقيادة الكاتب الاديب التي لا يظهر حتى يغيب الطاهر لبيب..
ولقد نظمت رحلة واسعة امتدت من بشري حيث تلقاهم النائب الراحل قبلان عيسى الخوري، إلى الجنوب حيث استضافهم آل الزعتري “الريس” محمد والراحل عبد الرحمن وشيخ الشباب حسن في بستانهم في منطقة القاسمية، وهناك “اكتشفنا” محطة لركاب القطار او العربات الذاهبة إلى .. فلسطين!
كذلك فقد أكرمني باستقبالهم في القليعات الشيخ رشيد الخازن، وفي بيت الدين وليد جنبلاط، وفي البقاع عبد الرحيم مراد.
اما نسيب لحود فقد استقبلنا في بعبدات ودخل في حوار مع هذا الوفد الشبابي العربي مستكشفاً فيهم الامل بالغد… وكانت السيدة قرينته تشارك بشغف في هذا الحوار حول المستقبل العربي، خصوصاً وأنها وجدت بينهم أكثر من فتى وفتاة من فلسطين.
كان نسيب لحود احد أرقى من تعرفت اليهم.. ولهذا ظل “غريبا” بين اهل الطبقة السياسية. وقد خطفه منا الموت مبكراً، فخسرنا وجها من الوجوه المميزة خلقاً وثقافة في الحياة العامة في لبنان.