عندما تعرّفت على جمال شحيبر، قبل سنوات، افترضت انه مجرد فلاح فلسطيني هجّرته النكبة الى لبنان، فواصل اهتمامه بالارض والشجر والثمر والزهر، كنوع من التوكيد على هويته الاصلية..
ثم لما عرفته عن قرب تبيّنت انه رجل اقتصاد وعلم ومحاسبة، ولكنه يعشق الارض، ولذلك فقد اشترى مساحة في منطقة كانت حدائق معلقة، في الضاحية، قبل ان يستهلكها العمران العشوائي، وانه اقام فيها مشتلا وحقل تجارب لانواع مهجنة من اشجار الفواكه والخضراوات، يشرف بنفسه على تأصيلها، ويفرح بتوزيع ثمارها على أصدقائه.
بعد حين أخذ يأتيني باقتراحات مكتوبة، تبتعد عن السياسة الى الشؤون اليومية، كأزمة السير، والاجراءات القضائية المعقدة، وطرق تحصيل فواتير الهاتف والكهرباء بغير جباة، الخ…
كان جمال شحيبر فلسطينياً حتى العظم، لكنه محبّ للبنان واللبنانيين حتى العظم. وكانت خبراته المصرفية قد مكّنته من ان يعيش في سعة، لا في ضيق »اللاجئ« وإذلاله. لكنه كان يريد فلسطين، مع عشقه لبنان.
أمس، رحل جمال شحيبر، وفقدت الأرض فلسطينياً طيباً أحبّها وأحبّ أهلها، وكان يجني الثمار ليوزّعها عليهم.
رحم الله هذا »الفلاح« الذي غرس فلسطين في أرض لبنان.
بحث
Subscribe to Updates
Get the latest creative news from FooBar about art, design and business.
المقالات ذات الصلة
© 2024 جميع الحقوق محفوظة – طلال سلمان