يتسلى جمهور اللبنانيين هذه الايام، بالفرجة على المدمرة الاميركية “يو إس إس راماج” التي شرفت شواطئ بيروت في احدى رحلات الاستجمام والتسرية عن نفوس القبطان ومساعديه والبحارة من “المارينز”.
لم يعرف اللبنانيون سبب تشريفهم بهذه الزيارة المباغتة، وان كان بعض المسؤولين، مدنيين وعسكريين، قد قصدوها ليمتدحوا الحليف الجبار وقدراته الخارقة، من دون أن يخطر ببالهم السؤال عن الهدف من هذه الزيارة وتوقيتها، بينما الاساطيل الاميركية والاوروبية، وحتى الروسية والصينية تكاد تسد مداخل مضيق هرمز، في الطريق إلى الخليج العربي.
ومن قبل، وتحديداً في العام 1982، وإثر الاجتياح الاسرائيلي لبنان “شرفت” شواطئنا المدمرة الاميركية “نيوجرسي” والتي كان ينظر اليها على انها مفخرة سلاح البحر الاميركي.
ويروي بعض من التقى الرئيس السوري الراحل حافظ الاسد، في مكتبه في دمشق، خلال تلك الفترة، انه سمع منه نتفاً من حوار اداره مع جنرال اميركي عجوز كان يزوره بين الحين والآخر بقصد أن يعرف منه ما لن يقوله، في حين يستخدم الرئيس السوري اسلوبه الناعم في الاستدراج لكي يستكشف بعض آفاق السياسة الاميركية في المنطقة..
كانت الجلسة عادية إلى أن سأل الرئيس الاسد الجنرال الاميركي العجوز عن نيوجرسي: طولها، ارتفاع ساريتها، تصفيحها، نوعية القذائف التي يطلقها مدفعها الجبار.. ونفخ الجنرال صدره واخذ يروي: وزن القذيفة طن، وان المدى الذي يمكن أن تصل اليه خمسة كيلومترات.
وبهدوء مثير سأل الرئيس الاسد ضيفه: حسنا، جنرال.. لقد صدر الامر فأطلقت هذه المدمرة الجبارة قذائفها الاستثنائية في وزنها وفي المدى الذي يمكن أن تبلغه.. ومن ثم فإنها لا بد أن تسقط على الارض.. وبالتأكيد فان سقوطها سيحدث حفرة عميقة جداً..
أكد الجنرال أن القذيفة الطن ستحدث حفرة مهولة قد يصل عمقها الى خمسين متراً وعرضها إلى أكثر من عشرة أمتار.
وعاد الرئيس الاسد إلى الكلام فقال لضيفه: لكن الارض، يا جنرال، ستبقى مكانها، اما هذه المدمرة الهائلة، وأحدث ما انتجته البحرية الاميركية فيستحيل أن تبقى في بحر بلاد أخرى، ولا بد انها ستغادر عائدة من حيث أتت، وتبقى الارض لأصحابها.
ولم يجد الجنرال العجوز ما يفعله غير أن يهز رأسه بما يعني “نعم”.
المشكلة أن ليس في لبنان من يتعامل مع مثل هذه الزيارات البروتوكولية من موقع المسؤول والمعني بالدفاع عن كرامة الوطن وأهله، وابعاد كل ما يمكن أن يمس امنه الوطني ـ القومي، ومعه امن جاره العربي بل شقيقه السوري، بل وكرامة الامة جميعاً..
والكرامة أعمق بكثير من الانبهار بالمدمرة الزائرة، اشهاراً للقوة، “يو. اس. اس. راماج” التي تحمل صواريخ موجهة من طراز ارلي بيرك للبحرية الاميركية .. وهي تتبع الاسطول الخامس.
لمزيد من المعلومات فالمدمرة تحمل اسم نائب الادميرال لوسون ب. راماج، وهو قائد غواصة بارز، في الحرب العالمية الثانية.