يبدو أن اللبنانيين مدينون بكثير من الاعتذارات للاحتلال الاسرائيلي!
فهم »يُضجرون« رئيس دولة العدو، عازر وايزمان، »ومشكلة لبنان تزعجه جداً!«.
ثم إنهم يربكون وزير الحرب، اسحق مردخاي، الذي يعرض عليهم »خيار جزين أولاً« مع اعترافه الواضح بأن الصراع يتجاوز لبنان كله ليمس سوريا مساً مباشراً، وبالتالي فإن أي حل لا يمكن أن يكون من دونها وفي غيابها وعلى حسابها..
أما بالنسبة الى الفلسطينيين، فالمشكلة أكثر تعقيداً بكثير، إذ يستغرب نتنياهو ومن بعده الرئيس الاميركي بيل كلينتون كيف لا يخرج عرفات على شعبه شاهراً سلاحه فيُعمل فيه قتلاً وذبحاً وتشريداً (وقد فعل ما بوسعه) لتأمين الاحتلال فوق كامل التراب الفلسطيني..
تحتل اسرائيل أرض الغير ثم تستغرب أن يكون لهذا الاحتلال ثمن سيدفعه عسكرها دماءً وقتلى وجرحى ومشوّهين (نسبتهم أقل من واحد في الألف من ضحاياهم العرب، فلسطينيين أساساً ولبنانيين)..
تصادر اسرائيل إرادة الغير ثم تستهجن أن تصدر ردة فعل بالاعتراض الذي قد يبلغ حد تفجير الذات بالمحتلين كما وقع في القدس أمس وقبل فترة، وكما سيقع غداً وبعد غد.
وحين تعجز اسرائيل عن وقف مقاومة المحتلة أراضيهم بالقوة فإنها تلجأ الى الخديعة المكشوفة فتعرض على بعضهم أن يتحولوا الى حراس لأمنها (الذي عجزت جيوشها وأساطيلها وأجهزتها الأمنية المهابة عن توفيره)، مقابل عمليات تجميلية لاحتلالها تحوّله من مشكلة قاتلة لجنودها الى فتنة داخلية عند ضحاياها تعيد قتلهم مرة ثانية.
ها هو عرض »جزين أولاً« بلا قناع أو تمويه أو ستار: انه مطلب اسرائيلي ملح بنقل الموت من جانب الاحتلال الى جانب المحتلة أرضُه.
إنه مشروع فتنة تشغل اللبنانيين بأنفسهم عن الاحتلال الاسرائيلي، تماماً كالعرض المسموم المقدم لعرفات بأن يقتل الفلسطينيين بيديه نيابة عن الاسرائيليين، لكي يهنأ هؤلاء باحتلالهم وبمده بالمستوطنات المتوالدة بغزارة ليشمل الارض الفلسطينية جميعاً، بما فيها تلك »المخافر« التي اعطيت لشرطة السلطة لتصطدم هي بأهلها أولاً نيابة عن جيش الاحتلال ولحسابه، ولتقتل هي فتظل لجيش الاحتلال سمعته الانسانية العطرة.
والجواب الطبيعي هنا وهناك واحد، لا امن للاحتلال الذي يحرم المحتلة ارضه ليس فقط من الأمن بل من كل حقوقه (السيادة والاستقلال والكرامة والعنفوان والديموقراطية عدا عن الرخاء والازدهار وأحياناً الحياة نفسها).
ان جزين هي بعض الارض الوطنية المحتلة، وليست خارجها، ولا حل ذاتياً لها بل هل في داخل الحل الوطني العام لمشكلة الاحتلال الاسرائيلي.
وكما ان الامن الاسرائيلي واحد فإن امن اللبنانيين واحد، في جزين وداخل الشريط المحتل كما في سائر انحاء لبنان المحررة.
وعسى أن يتوقف اللاعبون بالنار في جزين عن مقامرتهم المجنونة والخطرة على جزين بداية كما على لبنان كله.
بحث
Subscribe to Updates
Get the latest creative news from FooBar about art, design and business.
المقالات ذات الصلة
© 2024 جميع الحقوق محفوظة – طلال سلمان